خبراء يؤكدون ضَعْف تأثير أزمة النفط عليها.. وابن جمعة يتوقَّع تسجيل فائض
عبدالله البرقاوي- سبق- الرياض:
توقِفُ وزارة المالية مع نهاية دوام اليوم الخميس، الموافق 1436/ 2/ 26 هـ، الصرف من اعتمادات الميزانية والحسابات الأخرى للسنة المالية الحالية 2014، فيما توقعت مصادر مطلعة لـ"سبق" إقرار الميزانية الجديدة للدولة خلال جلسة مجلس الوزراء يوم الاثنين القادم، الموافق 30/ 2/ 1436هـ، في جلسة مخصصة لإقرار الميزانية، يُتوقَّع أن تكون برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-.
وتشير تعليمات إقفال الحسابات وإعداد الحساب الختامي للميزانية الحالية 2014 إلى استمرار تغطيتها لأوامر الدفع الخاصة بالحسميات التقاعدية والتأمينات الاجتماعية حتى نهاية السنة المالية الحالية، التي تنتهي مع نهاية دوام يوم 8/ 3/ 1436 هـ.
وتؤكد التعليمات أن الميزانية الجديدة للدولة 2015 سيبدأ العمل بها ابتداء من تاريخ 9/ 3/ 1436هـ.
وكان وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف قد أعلن أمس أن وزارته أنهت إعداد ميزانية الدولة للعام المالي القادم، وأنه تم عرضها على المجلس الاقتصادي الأعلى تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء في القريب العاجل. مشيراً إلى أن الحكومة ستستمر في تنفيذ مشاريع تنموية ضخمة، والإنفاق على البرامج التنموية، متوقعاً تحقيق نمو اقتصادي إيجابي نتيجة لهذا الإنفاق والدور الحيوي للقطاع الخاص السعودي.
ومن المنتظر أن تشهد جلسة إقرار الميزانية الجديدة الأسبوع المقبل استعراض أبرز ملامح وتطورات الاقتصاد الوطني، فيما تعلن النتائج المالية الفعلية لميزانية 2014 والموازنة التقديرية لعام 2015م.
إلى ذلك، اختلفت توقعات خبراء الاقتصاد حول الميزانية؛ إذ قال المستشار الاقتصادي وعضو مجلس الشورى الدكتور فهد بن جمعة إن الميزانية التقديرية الجديدة لعام 2015 من المتوقع أن تكون مماثلة لميزانية العام الماضي 2014 إن لم تكن أعلى منها، متوقعاً تساوي الإنفاق مع الإيرادات عند 855 مليار ريال، وذلك بعد تصريح وزير المالية أمس.
وتوقَّع المستشار الاقتصادي ابن جمعة أن تحقق ميزانية 2014 فائضاً يصل إلى 208 مليارات ريال.
من جهته، تحدَّث الاقتصادي المعروف عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبدالحميد العمري عن الميزانية قائلاً: تقدَّر الميزانية الفعلية للعام المالي الجاري 2014م في جانب إجمالي الإيرادات بنحو 1.1 تريليون ريال (إيرادات نفطية نحو 953.8 مليار ريال، إيرادات أخرى نحو 129.9 مليار ريال)، مقابل إجمالي مصروفات 1.13 تريليون ريال (مصروفات جارية نحو 698.9 مليار ريال، مصروفات رأسمالية نحو 427.5 مليار ريال)؛ ما يعني احتمال ظهور عجز مالي يقدر بنحو 42.7 مليار ريال (أي ما نسبته 1.5 % من الناتج المحلي الإجمالي)، وفقاً لمتوسط سعر نفط للعام يبلغ 97.25 دولار لبرميل النفط (إجمالي إنتاج 3535 مليون برميل للعام كاملاً)، وأخذاً في الاعتبار التراجعات الحادة التي شهدتها السوق النفطية خلال الأشهر الأخيرة من العام المالي الجاري.
وأضاف "أما بالنسبة للعامين الماليين القادمين فيقدر إجمالي إيرادات 2015 عند متوسط سعر نفط 62 دولاراً أمريكياً للبرميل، ومستوى متوسط إنتاج يومي عند 9.6 مليون برميل يومياً، بنحو 743 مليار ريال (إيرادات نفطية نحو 603 مليارات ريال، إيرادات أخرى نحو 140 مليار ريال)، مقابل إجمالي مصروفات متوقعة 898 مليار ريال (مصروفات جارية نحو 684 مليار ريال، مصروفات رأسمالية نحو 214 مليار ريال)؛ ليظهر عجز مالي يبلغ نحو 155 مليار ريال. وفي حال تحسن متوسط سعر النفط خلال 2016 إلى نحو 75 دولاراً أمريكياً للبرميل فيقدَّر أن تصل إجمالي الإيرادات إلى 878 مليار ريال (إيرادات نفطية نحو 728 مليار ريال، إيرادات أخرى نحو 150 مليار ريال)، مقابل إجمالي مصروفات 931 مليار ريال (مصروفات جارية نحو 696 مليار ريال، مصروفات رأسمالية نحو 235 مليار ريال)؛ ليبلغ العجز المالي المقدر لنحو 54 مليار ريال. طبعاً هذه ليست الصورة الفعلية للميزانية، وتظل مجرد توقعات، تم تقديرها وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن صندوق النقد الدولي وأوبك وعدد من المصادر الدولية الأخرى المعترف بها، وهي - دون شك - تختلف عما كانت عليه الأوضاع المالية المتيسرة طوال سنوات العقد الماضي، ومن ثم فهي ستحمل معها نمطاً آخر مختلفاً من التحديات والتطورات الاقتصادية محلياً وخارجياً بالنسبة للاقتصاد الوطني والميزانية الحكومية.
وقال العمري في تعليقه: يُعدُّ هذا الانخفاض في سعر النفط تحدياً حقيقياً للاقتصاد الوطني وللسياسات الاقتصادية الحالية، وهو ما يسري على عموم الاقتصادات حول العالم؛ إذ اجتمعت أغلب التقارير والقراءات الاستراتيجية الصادرة، سواء عن المنظمات والهيئات الدولية أو على مستوى العديد من المحللين والمراقبين الاقتصاديين وراسمي السياسات الاقتصادية والمالية، على أن المواجهة في العامين القادمين تحديداً ستكون بين التحديات المتشكلة حديثاً والمتنامية من جراء تقلبات نمو الاقتصاد العالمي والتقلبات المتوقعة في أسواق الصرف والمال والمعادن والمواد الخام، بما فيها النفط. وبالنسبة لنا سنكتشف إلى أي مدى ستنجح السياسات الاقتصادية المعمول بها منذ أكثر من أربعة عقود مضت في مواجهة تلك التحديات عقب تراجع سعر النفط عالمياً؛ كونه العامل الأكثر تأثيراً بالنسبة لاقتصادنا، والاختبار الحقيقي الذي ستواجهه درجة التنوع في القاعدة الإنتاجية المحلية، وما يمكن أن تقوم به الفوائض المالية المتراكمة في الخارج، وهل كانت بديلاً مناسباً لتحويلها إلى مشروعات إنتاجية محلية أم لا؟
واختتم العمري حديثه قائلاً: "ستُختبر فعلياً قدرة الاقتصاد الوطني، وتحديداً القطاع الخاص، تجاه تحمُّل المسؤولية الأكبر فيما يتعلق بتحقيق النمو الحقيقي للاقتصاد، وقدرته على إيجاد مئات الآلاف من الوظائف الملائمة للباحثين والباحثات عنها من العاطلين، وكيفية امتصاصه لصدمات تقلص الإنفاق الحكومي على المشروعات التنموية".