هناك مقال يتكرر نشره (بالإنترنت) منذ ما يقارب ثلاثة أعوام، وموضوع عليه اسمي وصورتي كذلك، وهذا المقال هو عبارة عن رسالة موجهة لمفتي السعودية.
وليس لي فيها أي حرف واحد، بل إنني تفاجأت بها أول ما نشرت واتصلت شخصياً بسماحة المفتي أوضح له الأمر، فكان كلامه معي مهذباً وطمأنني إلى أنه لم يصدق في حينه أنني أنا الذي كتبتها. وقد نشرت وقتها تكذيباً في هذه الجريدة.. غير أنه في المدّة الأخيرة ازداد نشرها، وهم يطلبون من كل مَن يقرأها أن يوزعها على كل مَن يعرفه (كمنشور). والواقع أنني استأت كثيراً لعدّة أسباب:
أولاً: أرفض أن ينشر على لساني أي كلام لم أقله ـ حتى لو كان ذلك الكلام (معلّقة) من المعلّقات، أو حتى (إلياذة) هوميروس الخالدة.
ثانياً: الأسلوب والطريقة الساذجة اللذان صيغ بهما ذلك الكلام لا يناسبانني ولا أقبلهما.
ثالثاً: توجد لديّ شجاعة أدبية كافية أن انتقد وأقول ما أعتقد أنه (صح أو خطأ)، من دون أن أهتز أو (يرف لي رمش) ـ وياما انتقدت ووضعت إصبعي على جراح كثيرة.
رابعاً: هؤلاء المجهولون الذين استغلوا اسمي ووضعوا تحته هذا الكلام، أعرف أنهم يسيئون لي ويريدون أن يورّطوني في خلاف مع المؤسسة الدينية، من دون أي داع ـ اللهم إلا لأمر في نفس أكثر من يعقوب واحد.
خامساً: إذا كان الكلام في أساسه يدافع عن المرأة، فما هكذا يكون الدفاع بهذه السذاجة، وعمل المرأة في القرى وتنقلاتها في أطراف المملكة إنما هو أمر طبيعي وواجب، وإذا لم يحصل فلا حل إلاّ بموقفين، إما أن يكون التعليم مقتصرا على ساكنات المدن الكبيرة فقط، ويتوقف ساعتها التعليم في القرى الصغيرة النائية، أو الالتجاء إلى توظيف غير السعوديات كمدرسات، لتزداد البطالة بالتالي لدى السعوديات. قلت لأحدهم: لو أن كل واحد وضع رقابة حكيمة على لسانه، لكان وضعنا أفضل، لكن كيف يمكن السيطرة على ذلك؟! فأجابني بسخرية حادة قائلاً: نعم يمكننا ذلك، لو قطعناها. طبعاً لم تعجبني سخريته ولا رأيه، لأنني من أنصار الرأي الحر، الذي لا يتستر خلف غيره، أو يكذب على الآخرين.. المشكلة هي كيف يستطيع الإنسان أن يدافع عن نفسه في مثل هذا الوقت؟! وتحضرني بالمناسبة حادثة (ملفقة) نشرها على (الإنترنت) أشخاص منافسون لمطعم مشهور، ادّعوا فيه أنه عثر على مستخدم في مطبخ المطعم مصاب بمرض (الإيدز)، وانتشرت القصة، وانخفض عدد الزبائن وكاد أن يفلس، رغم تكذيب أصحاب المطعم لهذا الخبر المختلق، ورصدهم جائزة لمن يدلهم على مَن هو وراء تلك الإشاعة المغرضة من دون جدوى. للمرة الثانية (أكذّب) كل ما جاء في تلك الرسالة الموجهة للمفتي. وبدوري أتمنى على كل مَن يقرأ هذا التكذيب أن يرسله لمن يعرف ـ حتى لو كان أمّياً لا يحسن القراءة ـ فلعلّ وعسى.
مــشــــعـــــــل الـســـديـــري
"الشرق الاوسط"