اساس العرب من اليمن

لايغيب عن الباحثين التاريخيين ان اول ظهور للعرب على المعمورة كان في اليمن وكانت هناك بعض القبائل القحطانية قد هاجرت شمالا واستقرت احداها بالقرب من مكة وهناك التقى معهم نبي الله اسماعيل عليه السلام وتزوج منهم وانجب ابنه عدنان والذي ظهرت من ذريته القبائل العدنانية وبعد انهيار سد مأرب بدأ العرب بالهجرة من اليمن الي شمال الجزيرة العربية ووسطها على فترات زمنية متعاقبة .

وكانت من بين القبائل التي هاجرت قبائل غطفان التي استقرت بالقرب من تهامة ومكة وبعد ذلك هاجرت الي الشمال واستقروا بالقرب من شمال شرق المدينة المنورة وخيبر والقصيم وهم بني عبس وبني اشجع وبني ذبيان ( فزراة – مرة – مازن ) واستقر بهم المقام في هذه الارض عدة قرون يعمها الامن والامان ولم يعكر صفو هذا الاستقرار الا حادثة حدثت ولم يكن في حسبان قبائل غطفان انها ستغلب وجه التاريخ الا وهية الرهان الذي تم بين قيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة سيد عبس وحذيفة بن بدر بن عدي بن فزارة سيد ذبيان والذي ادى الي حرب داحس والغبراء المشهورة وهذه الحرب هي سبب الهجرة الاولى لقبائل غطفان والتي ادت الي انتشارهم في نواحي الجزيرة العربية فبعضهم هاجر الي عمان مع قيس بن زهير بعد انتهاء الحرب والبقية بقت في ديارها .

وبعد انتهاء الحرب بقيت البقية في ديارها ومع مرور الوقت خفت حدة المشاحنة بينهم نتيجة خروج قيس بن زهير الرواحي الذي كان يتزعم الطرف الداعي الي استمرار الحرب بينما حكماء غطفان دعوا الى ايقاف الحرب بسبب توسعها وشمولها عدد من الاطراف المتحالفة مع طرفي الحرب وايقاف نزيف الدم وتم الصلح بينهم مع بقاء اثارها في نفوسهم .

وكانت الحرب قد انتهت قبل الاسلام بما يقرب عشر سنوات وبعد الاسلام ودخول قبائل غطفان الاسلام مع سائر العرب انتهت العداوة والبغضاء بينهم وحل الاسلام محلها المحبه والتودد وعادت قبائل غطفان كما كانت قبل حرب داحس والغبراء مترابطين متحابين وقد شاركوا في المعارك التي خاضها المسلمون في فتوحاتهم وابلوا بلاء حسنا في هذه المعارك والمساهمات في نشر الدين واللغة العربية والعادات والتقاليد في الديار المفتوحة .



والجدير بالذكر ان جميع قبائل غطفان ( عبس – فزارة – اشجع – مرة ) اصبحت اغلب قبائلها وبطونها تحت اسم قبائل الرشايدة بعد ان طغى اسم راشد عليها لشهرته وتقع ديارهم اليوم في انحاء متفرقة من الوطن العربي واكثر الدول التي يتواجدون فيها هي السودان وديارهم هي كسلا والدامر وعطبرة وبورسودان وسواكن وحلايب وسواحل البحر الاحمر شرقا الي النيل غربا .

واما في مصر فيتواجدون في وادي النيل في مناطق أسوان وكوم امبو وادفو وقنا وسوهاج واسيوط اما البحر الاحمر فيتواجدون في مناطق حلايب وجبل حماطه والشرقية .

واما في الكويت فيتواجدون في مناطق العاصمة والفروانية .

واما في السعودية فيتواجدون في القصيم والمدينة المنورة والرياض وتبوك

واما في عمان فيطلق عليهم بني نزار والمقصود ابناء غطفان ولكن سمو بهذا الاسم في عصر الدولة الاموية تميزا عن القبائل اليمنية القحطانية عندما عين ابن المهلب القحطاني اغلب قياداته منهم فحدث تنافس بينهم ويشكل المضريون النزاريون اقلية في عمان فيتواجدون في وادي صحار ونزوى والجبل الاخصر ومناطق اخرى من عمان سوف نذكرها فيما بعد .

وسنذكر لكم المزيد من التفاصيل لاحقا .....

· عبس قبل الاسلام :



كانت عبس قبل الاسلام كما بقية القبائل العربية لها مناطق نفوذ خاصة بها وتتميز بالعصبية القبلية وهي صفة توارثها العرب في دمائهم وكانوا يتصفون بالكرم والجود والشجاعة ومحاسن الاخلاق وكانوا حماة لكل مستجير يستجير بهم واشتهرت عبس بانها احدى جمرات العرب الثلاث وكما ذكرت لنا الكتب التاريخية ان عبس جمرة من جمرات العرب الثلاث والمقصود بالجمرة القبيلة التي لاتنضم الي احد ولا تحالف غيرها وتصبر في قتال من يقاتلها من القبائل

ويكون فيها الف فارس .

وقال ابوحية النميري من عامر هوازن :



لنا جمرات ليس في الارض مثلها *** كرام وقد جربن كل التجارب

نمـير وعـبس يتــقي بفنائهــا **** وضبة قوم بأسهم غير كاذب



قال عبد الملك بن مروان لرجل من بني عبس: كيف بذذتم العرب، وأنتم ألف رجل، قال: لأنا كنا ألف حازم، وأطعنا أحزمنا، فكنا نتبع رأسه، وكنا نصبر بعد صبر الناس ساعة.



قال ابن الكلبي عن أبيه: قام الحجاج بعد الجماجم بواسط خطيباً فقال: والله لهممت أن أبعث إلى هؤلاء العصاة ألفاً كألف بني عبس يحشرونهم إلى السواد، فقلت في نفسي: وأنا والله من العصاة، ثم قال يا أهل العراق تزعمون اني ساحر ، والله يقول : لايفلح الساحر حيث اتى .





· المعارك والغزوات :

خاضت عبس العديد من المعارك والغزوات قبل الاسلام ولكن سنذكر اشهر هذه المعارك والغزوات .



· حرب داحس والغبراء المشهورة :

حدثت حرب داحس والغبراء بسبب الرهان الذي تم بين قرواش بن هني بن جذيمة بن رواحة العبسي وحمل بن بدر بن عدي الفزاري اخا حذيفة بن بدرسيد فزراة وذبيان وسبب هذا الرهان هو قرواش الذي تحدى حمل بن بدر بعشرة من الابل ان سبقت فرسه فرس سيد عبس مع عدم علم سيد عبس بالرهان وقد وافق حمل بن بدرعلى الرهان وذهب قرواش الي قيس بن زهير وابلغه بتحديه حمل فانبه قيس ولكن وافق على الرهان لان قرواش يمثله وذهب الي حمل بن بدر وحضر جمهور من الطرفين واخذ كل واحد يزيد في الرهان حتى وصلت الي قيس وختمها بمئة ناقة .

فجرى السباق بين الفرسين وقد سبقت داحس الغبراء حتى منتصف الطريق عندما اعترض بعض صبية حذيفة طريق داحس وعرقلوها عن السباق فسبقت الغبراء داحس فجاء فارس داحس وابلغ قيس بن زهير بالحادثه امام جمهور العرب فثارت ثائرة عبس ورفضت الالتزام بالرهان لما حصل فيه من تزيف وبدأت الحرب بين الطرفين واشتدت واستمرت اربعين عاما بين كر وفر ومعظمها كانت مع بعضها من بنو فزارة وبنو ذبيان واشجع وتوسعت رقعة الحرب وشملت ابناء عمومتهم وهم هوازن وسليم وبني تميم القيسيين والتي اهلكت معظم ابنائهم ونسائهم وانتهت قبيل الاسلام وخرجت جميع الاطراف خالية الوفاض وكان من نتائجها مغادرة ملك عبس زهير ابن قيس وتبعه قليل من بنو عبس وفزارة ومرة الي عمان . ولم يكن في حسبان قبائل غطفان ان هذا الرهان سيغير وجه التاريخ .

وقد روت بعض الكتب التاريخية احداث هذه القصة وسنذكر احدى هذه الروايات قريبا .



· غزوة ( يوم اللوى ) :

قال أبو عبيدة: فأما عبد الله بن الصمة فإن السبب في مقتله أنه كان غزا غطفان ومعه بنو جشم وبنو نصرٍ أبناء معاوية فظفر بهم وساق أموالهم في يوم يقال له يوم اللوى ومضى بها. ولما كان منهم غير بعيد قال: انزلوا بنا، فقال له أخوه دريد: نشدتك الله ألا تنزل فإن غطفان ليست بغافلةٍ عن أموالها، فأقسم لا يريم حتى يأخذ مرباعه وينقع نقيعه ، فيأكل ويطعم ويقسم البقية بين أصحابه، فبينا هم في ذلك وقد سطعت الدواخن، إذا بغبارٍ قد ارتفع أشد من دخانهم، وإذا عبسٌ وفزارة وأشجع قد أقبلت فقالوا لربيئتهم : انظر ماذا ترى؟ فقال: أرى قوماً جعاداً كأن سرابيلهم قد غمست في الجادي قال: تلك أشجع، ليست بشيء. ثم نظر فقال: أرى قوماً كأنهم الصبيان، أسنتهم عند آذان خيولهم. قال: تلك فزارة. ثم نظر فقال: أرى قوماً أدماناً كأنما يحملون الجبل بسوادهم، يخدون الأرض بأقدامهم خداً، ويجرون رماحهم جراً، قال: تلك عبسٌ والموت معهم !.



· غزوة ( يوم النباة) :

قال أبو عبيدة: خرجت بنو عامر تريد غطفان لتدرك بثأرها يوم الرق ويوم ساحوق، فصادفت بني عبس وليس معهم أحد من غطفان، وكانت عبس لم تشهد يوم الرقم ولا يوم ساحوق مع غطفان ولم يعينوهم على بني عامر، وقيل: بل شهدها أشجع وفزارة وغيرهما من بني غطفان، على ما نذكره. قال: وأغارت بنو عامر على نعم بني عبس وذبيان وأشجع فأخذوها وعادوا متوجهين إلى بلادهم فضلوا في الطريق فسلكوا وادي النباة فأمعنوا فيه ولا طريق لهم ولا مطلع حتى قاربوا آخره. وكان الجبلان يلتقيان إذا هم بامرأة من بني عبس تخبط الشجر لهم في قلة الجبل. فسألوها عن المطلع، فقالت لهم: الفوارس المطلع، وكانت قد رأت الخيل قد أقبلت وهي على الجبل، ولم يرها بنو عامر لأنهم في الوادي، فأرسلوا رجلاً إلى قلة الجبل ينظر، فقال لهم: أرى قوماً كأنهم الصبيان على متون الخيل، أسنة رماحهم عند آذان خيلهم. قالوا: تلك فزارة. قال: وأرى قوماً بيضاً جعاداً كأن عليهم ثياباً حمراً. قالوا: تلك أشجع. قال: وأرى قوماً نسوراً قد قلعوا خيولهم بسوادهم كأنما يحملونها حملاً بأفخاذهم آخذين بعوامل رماحهم يجرونها. قالوا: تلك عبس، أتاكم الموت الزؤام ! ولحقهم الطلب بالوادي، فكان عامر بن الطفيل أول من سبق على فرسه الورد ففات القوم، وأعيا فرسه الورد، وهو المربوق أيضاً، فعقره لئلا تفتحله فزارة، واقتتل الناس، ودام القتال بينهم، وانهزمت عامر فقتل منهم مقتلة كبيرة، قتل فيها من أشرافهم البراء بن عامر بن مالك، وبه يكنى أبوه، وقتل نهشل وأنس وهزان بنو مرة بن أنس بن خالد بن جعفر، وقتلوا عبد الله بن الطفيل أخا عامر، قتله الربيع بن زياد العبسي، وغيرهم كثير، وتمت الهزيمة على بني عامر.

الأخ مشاري البراك ...
شكراً لك على هذا المجهود الرائع
والله يعطيك العافية