بســــــــــــــــــــم الله الرحمن الرحيم
الكل منا يعلم ان المفهوم السائد في مجتمعنا منذ قرون والى عهد قريب ان الذكر من الابناء هو
السند والعزوة وهو من يحمل اسم العائلة اما الانثى فأنها ليست لأهلها وانما لزوجها مجرد ان
تكبرولهذا كانت النظرة سلبية اتجاهها فهم يرون انهم يتعبون ويربونها ليذهب نفعها لغيرهم هكذا كانت
نظرتهم ولكن ما إن عرفت المرأة دروب العلم والثقافة والمعرفة، حتى وقعت على ما لها وما عليها،
فأخذت شخصيتها تتضح، بل واكتشفت أنها قادرة على أن تعمل ما يعمله الذكراو ربما اكثر في بعض
المجالات الحيوية والاجتماعية كالمساهمة في رعاية ومساعدة الاسرة والعمل في وظائف الصحة
وغيرها، وهذا أصبح معلوماً لدى عامة الناس، فوثق المجتمع بقدرتها، وأنها قادرة على انجاز اعمال
كثيرة في الحياة، حدث هذا بعد أن أصرت هي وأقحمت نفسها وفرضت وجودها وفكرها فرضاً، مفندة
وداحضة ما كان معتقدا من أن الرجل في السابق إذا أنجب بنات فقط يعتبر نفسه عقيماً، ويتحرج من
أن يكنى باسم امرأة، لكن الآن يتقبلها الرجل كما هي، ويحرص على تعليمها، بل ويدفعها إلى
الوظائف، وقد يطمع في انجازاتها، لقد ساهمت الكثير من التغيرات الاجتماعية والفكرية في بناء
شخصية فتاة اليوم، والتي برز دورها بوضوح فيما تعمله تجاه أسرتها، هذا الدور الذي يجسد
إحساسها بروح المسؤولية حيال نفسها أولاً وأسرتها ثانياً ومجتمعها ثالثاً، لم يأت من فراغ، بل جاء
كنتيجة طبيعية لما وصلت له من نضج فكري ومعرفي، قادها إلى أن يكون لها شخصيتها المعبرة عن
ذاتها المستقلة بفكرها، تشارك في إدارة الأزمات الأسرية دون أن تقف عاجزة، ولتثبت أنها شريك
أساسي في الاستقرار الأسري، سواء بالدعم المادي أو الدعم المعنوي، وهي بذلك تمتلك دورا حيويا
وهاما، نجزم أنه لم يعد محصورا ًعلى اخيها الشاب، دور تخطى مرحلة الضعف إلى القوة، وبالتالي لا
غرابة أن نشاهد الفتاة تشارك بإيجابية في الوقوف بجانب أسرتها، لتساندها وتقف وقفة الرجال في
دعمها، وكأنها تقول للجميع: إن الفتاة هي ايضا «عزوة» و»سند» لأهلها.
تقول احدى الامهات أن هناك أكثر من أُسرة، البنت فيها تكون هي «عزوة» أهلها، بالرغم من وجود
أكثر من ولد لديها، وذلك لأن كل واحد منهم هو مشغول بزوجته وأبنائه وعمله، ولو أحسن فعلاً وجاء
لزيارتهم فذلك من باب الخوف من عدم «الشرهة»، مضيفةً يؤسفني أن أحد أبنائي حين يأتي لزيارتنا
لا عمل له سوى قراءة الجرائد ومتابعة المباريات، ثم يذهب دون أن يسألنا إن كنا بحاجة إلى شيء ما،
في الوقت الذي تحرص فيه بناتي على التناوب على زيارتنا يومياً وتلبية جميع ما نحتاجه، حتى إن
أصغرهن اشترطت على زوجها أن يستأجر منزلهما بالقرب منا ،وقالت أن كل واحد من أبنائي لديه
وظيفته الجيدة، إلا أنهم دائماً ما يطلبون من والدهم مساعدات مادية، رغم علمهم ألا دخل له سوى ما
تقدمه بناته له من مصروف شهري ، واذا ماطلب منه احضار بعض الاحتياجات يبدئ بعض الاعذار
مثل أن يقول: «شوفي فلان، أنا مشغول»، لافتةً إلى أنه مهما كان الابن حنونا وطيبا مع أهله، فإنه
لن يصل لإحساس الفتاة التي تحس بكل ما نحتاج.
وتقول سيدة اخرى بعد إنجابي لخمس بنات الواحدة تلو الأخرى، قرر والدهن الزواج من أخرى بحثاً
عن الابن السند والعزوة، وقد رزقه الله حينها من زوجته الثانية ثلاثة أبناء، والآن بعد مضي (20)
عاماً تغير ذلك الامتعاض والحسرة التي كانت تحل به عند إنجابي للبنات إلى فخر وإحساس بقيمة
وجودهن، مضيفةً أنه اكتشف أن فرحة إنجاب الولد لم تكن سوى نزعة اجتماعية، فضلت الذكر على
الأنثى، فبناته اليوم هن السند له في مساعدته على رعاية الذكور،.
لقد اعطى الدين الإسلامي المرأة حقوقها كاملة وأجاز عمل المرأة في كافة المهن بما يصون كرامتها
ولا يسيئ إلى أنوثتها، و الله جل وعلا يعطي العاملين أجرهم نظير عملهم، فالعاملون والعاملات لهم
عند ربهم أجر عظيم، وفضلاً عن ذلك فإن الله يساوي بين الجنسين إذ يقول : { من عمل صالحاً
من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } (
سورة النحل، الآية 97)، والحديث الشريف يقول : >إنما النساء شقائق الرجال<، فالمرأة في
الشريعة شقيقة الرجل، لها مثل حقوقه داخل الأسرة وخارجها، ولها مثل الذي عليها بالمعروف، تلك
هي بعض المعالم الرئيسة في نظرة الإسلام إلى المرأة، وهي نظرة بعيدة تماماً عن النظرة المتدنية
إلى المرأة التي أفرزتها أوضاع متخلفة ظهرت في عصور الجهل بعيدة عن تعاليم الاسلام وروح
الشريعة السمحة.