حديث
قال صلى الله عليه وسلم " صنفان من أهل النار لم أرهما, قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس, ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات, رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة, لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا " [السلسلة الصحيحة]
هذا الحديث من معجزات النبوة , فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم , فأما أصحاب السياط فهم غلمان والي الشرطة .
أما ( الكاسيات ) ففيه أوجه أحدها : معناه : كاسيات من نعمة الله , عاريات من شكرها ,
والثاني : كاسيات من الثياب , عاريات من فعل الخير والاهتمام لآخرتهن , والاعتناء بالطاعات .
والثالث : تكشف شيئا من بدنها إظهارا لجمالها , فهن كاسيات عاريات .
والرابع : يلبسن ثيابا رقاقا تصف ما تحتها , كاسيات عاريات في المعنى .
وأما ( مائلات مميلات ) : فقيل : زائغات عن طاعة الله تعالى , وما يلزمهن من حفظ الفروج وغيرها , ومميلات يعلمن غيرهن مثل فعلهن
وقيل : مائلات متبخترات في مشيتهن , مميلات أكتافهن
وقيل : مائلات يتمشطن المشطة الميلاء , وهي مشطة البغايا معروفة لهن , مميلات يمشطن غيرهن تلك المشطة
وقيل : مائلات إلى الرجال مميلات لهم بما يبدين من زينتهن وغيرها .
وأما ( رءوسهن كأسنمة البخت ) فمعناه : يعظمن رءوسهن بالخمر والعمائم وغيرها مما يلف على الرأس , حتى تشبه أسنمة الإبل البخت , هذا هو المشهور في تفسيره , قال المازري : ويجوز أن يكون معناه يطمحن إلى الرجال ولا يغضضن عنهم , ولا ينكسن رءوسهن , واختار القاضي أن المائلات تمشطن المشطة الميلاء , قال : وهي ضفر الغدائر وشدها إلى فوق , وجمعها في وسط الرأس فتصير كأسنمة البخت , قال : وهذا يدل على أن المراد بالتشبيه بأسنمة البخت إنما هو لارتفاع الغدائر فوق رءوسهن , وجمع عقائصها هناك , وتكثرها بما يضفرنه حتى تميل إلى ناحية من جوانب الرأس , كما يميل السنام , قال ابن دريد : يقال : ناقة ميلاء إذا كان سنامها يميل إلى أحد شقيها .
والله تعالى أعلم .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخلن الجنة ) يتأول التأويلين السابقين في نظائره أحدهما : أنه محمول على من استحلت حراما من ذلك مع علمها بتحريمه , فتكون كافرة مخلدة في النار , لا تدخل الجنة أبدا .
والثاني : يحمل على أنها لا تدخلها أول الأمر مع الفائزين .
والله تعالى أعلم
وفقني الله وإياكم لتقوى الله والوقاية من عذابه وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين