حاولت أن أكتب وتوقف قلمي بسبب أن البدر ناوي على الغياب..
ولكن أستعير شفاه أخي ناصر المرشدي حيث قال ذات مقال..
في إضاءات ، وفي أنانية مفرطة استكثرناها منه ، وحينما أحكم قبضته على مقبض باب الوداع ، رمى بـ"جمرة غضى" إلى كفوف امتدت لمصافحته ، ليعلن أنه سيغلق الباب ورائه في درب يفضي إلى عزلة ، وغياب ، وغربة بلا ملامح !
أو ما اكتفيت يابدرنا ؟!
ألم تخبرك عشر عجاف أنك عصي على النسيان ، وأن لا غياب بمقدوره أن يأخذك منّا ؟
حتى وإن كان عذرك أنك ستوغل في الغياب ، لتأتينا بقوت ذائقة اشتد ساعدها على نزف قريحتك العذبة...لن نعذرك !
ففي تاريخك مؤونة تكفينا وأحفادنا وكل من سيأتي بعدنا ، فقط ينقصها ملح حضورك لتكتمل ، طعماً ولوناً ورائحة !
عنّي أنا... ، شكّل البدر جزء عزيز من ذاكرتي ، ورغم أن هذه الذاكرة بدأت تشيخ باكراً ، وكبرت ثقوبها وتسربت منها ملامح ووجوه وأسماء ، وأشياء كثر ، لكن بدراً ليس بالضآلة التي تجعله يعبر أي ثقب فيها مهما كبر ، ولن يُضائله الغياب مهما طال !
لكنني في آخر مرة رأيته يجلس إلى طاولة إضاءات ، داهمني شعور غريب ، أيقظ بداخلي شيئاً دفيناً لا أدري ماهو ؟!
كأنما يكبت صدري ويملأه شجناً ، كذكرى حبيب رحل إلى حيث غياب صامت ...
أو كأنما ينكأ جرحاً حسبته برأ واندمل ؟!
بعد إطراقة استيعاب الزمان ، والإحساس ببوح المكان ، رفعت رأسي قليلاً إلى الأعلى ، وتنهيدة حرّى تزاحم أنفاسي ، وكأني أداري دمعة تراود عيني الفرار....
قبل أن يبدأ الفاصل الأول رأيت البدر يلتفت بقلق إلى الباب ، وكأنه ينتظر شيئاً !
وفعلها ثانية ، في الفاصل الثاني !!
وثالثة أيضاً ... !!!
في آخر الحلقة ، والكاميرا تنسحب بعيداً ، ضحك البدر ضحكة "الخلاص"...ولمع في أعلى يسار الشاشة كنجم يومض ، ثم يخفت قليلاً ، ثم يعاود الوميض إلى أن اختفى تماماً ، وكأنه يودعنا