محمد المواسي - الرياض
ولي العهد: "طموحنا عنان السماء"
"ما لأحد منة".. السعودية نشأت وتأسست بقيادة حكيمة وشعب متلاحم وقوة اقتصادية
عندما يقول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إن السعودية موجودة قبل أمريكا بثلاثين عامًا، فهذه هي الدقة في التاريخ العريق الذي يحفظ في سجلاته كيف نشأت المملكة وأسسها الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه بجهوده مع رجالاته الأوفياء رحمهم الله, وكيف قاوموا النزاعات وكانوا سدًا منيعًا أمام الاحتلال البريطاني الذي كان يجوب الدول من حول المملكة.
لم تتدخل قوة أجنبية واحدة في مهمة توحيد المملكة، فقد كان الملك المؤسس ورجالاته يحملون الثقة والعزيمة والقوة التي ورثوها للأجيال من بعدهم من أبناء المؤسس والشعب المتلاحم مع قيادته, فلم تكن كلمات سمو ولي العهد بسيطة فهي عميقة المعنى ومولودة من رحم التاريخ وهي صفعة لمن يجهلون تاريخ الكبار.
لم تكن المملكة منذ نشأتها تختبئ خلف القواعد العسكرية الأجنبية بل منذ يومها الأول كانت صعبة المنال على من يحاول المساس بالأرض؛ فالأرض الذي توحدت وتلاحمت قبائلها الشرسة تحت مظلة المملكة العربية السعودية لم يكن مؤسسها رحمه الله، يعلم أن في باطن تلك الأرض ثروات بهذا الحجم, بل كان دافعه التوحيد من أجل التوحيد لأنه كان يحمل مسؤولية الحرمين الشريفين وهم الإسلام والمسلمين وهو الهم ذاته الذي يحمله ملوك السعودية من بعده, يشبكون أيديهم بأيدي شعبهم لينتقلوا إلى قمم التقدم والقوة والرخاء.
وولي العهد الأمير محمد بن سلمان عندما قال كلماته في حواره مع بلومبيرغ, كان يؤكد حديثه السابق الذي قاله في لقاءات عدة ويكشف من خلاله أن المملكة قوية وقد نشأت وتحولت من صحراء جافة إلى مدن وقوة اقتصادية حلمها عنان السماء.
ففي اللقاء ذاته قال: "الملك عبد العزيز ورجاله الذين عملوا معه في كل أنحاء السعودية عندما أسسوا الدولة لم يكن بها نفط، وأداروا الدولة من دون نفط، وعاشوا في الدولة من دون نفط، وتحدوا الاستعمار البريطاني، ولم تدخل بريطانيا شبرًا من السعودية من دون نفط.. صحيح أن حديثه هذا عن النفط لكنه بالتأكيد يكشف لنا أن من تمكن من فعل هذا كله من دون قطرة نفط كان قادرًا على توحيد المساحات الشاسعة, من دون قوات أجنبية أو دعم, بل كان قادرًا حتى على حمايتها دون فضل من أحد لعقود طويلة من الزمن بلا منة حماية من أحد".
لقد حافظت المملكة على تماسكها على الرغم من التنوع الثقافي على مر العقود الطويلة دون أن تتأثر بأي تفكك أو محاولات للتفكك وظل المواطنون تحت راية الحكم الذي يحكم بالدين الإسلامي في الوقت الذي تهاوت فيه عدد من الدول وتمزقت في مختلف القارات، وهو ما يبرهن على أن المملكة لا تحتاج إلى من يحميها ويدافع عنها لما قاده الحكم السعودي من تطور ورغد في العيش والأمن والاستقرار.
ما قاله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كان خير ما يقال في مواقف مماثلة, فحين يتحدث يتحدث عن تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب كان شفافًا لدرجة القبول والإجماع على منطقية حديثه, الذي يستند فيه إلى سجلات التاريخ والحاضر، حيث قال سموه: في الواقع لن ندفع شيئًا مقابل أمننا، نعتقد أن جميع الأسلحة التي حصلنا عليها من الولايات المتحدة الأمريكية قد دفعنا من أجلها، إنها ليست أسلحة مجانية فمنذ أن بدأت العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية؛ قمنا بشراء كل شيء بالمال. فقبل عامين، كانت لدينا إستراتيجية لتحويل معظم تسلحنا إلى دول أخرى، ولكن عندما أصبح ترامب رئيسًا قمنا بتغيير إستراتيجيتنا للتسلح مرة أخرى لـ 10 أعوام القادمة لنجعل أكثر من 60 % منها مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولهذا السبب خلقنا فرصًا من مبلغ الـ 400 مليار دولار، وفرصًا للتسلح والاستثمار، وفرصًا تجارية أخرى. ولذلك فإن هذا يُعد إنجازًا جيدًا للرئيس ترامب وللسعودية. كما تتضمن تلك الاتفاقيات أيضًا تصنيع جزء من هذه الأسلحة في السعودية، وذلك سيخلق وظائف في أمريكا والسعودية، تجارة جيدة وفوائد جيدة لكلا البلدين، كما أنه نمو اقتصادي جيد، بالإضافة إلى أن ذلك سيساعد أمننا".
في هذه الجزئية من حديث سموه نفهم أن إستراتيجية التسليح -وليست حماية- التي تحدث عنها سموه هي بالمال وليست بالمجان كما أن السعودية ليست مستفيدة وحدها من هذه الإستراتيجية بل أمريكا ستستفيد في خفض معدلات البطالة بين شعبها, فما يقوله سموه يؤكد أن شراء الأسلحة من أمريكا لا يعني حماية المملكة من قِبل أمريكا بل هي عملية شراء مدروسة تعود بالنفع على البلدين, وبالمختصر فإن لم تكن هذه الاتفاقية مع أمريكا قد تكون مع دولة أخرى كغيرها من الصفقات.
ختامًا.. السعودية نشأت وتأسست بقيادة حكيمة وشعب متلاحم وقوة اقتصادية ومكانة مرموقة, لا منة لأحد في استمراريتها ومكانتها وطموحها والمنة لله وحده, فكما قال ولي العهد "طموحنا عنان السماء", وبالتأكيد كما بدأت المملكة برجالاتها ووصلت إلى ما هي عليه اليوم فهي لا تنتظر حماية أحد لتصل إلى عنان السماء.