بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القرآن الكريم هو المصدر الأول للثقافة الإسلامية وعلى أساسه ربى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الذين قاموا بأكبر انقلاب في تاريخ البشرية حيث أخرجوا الناس من الظلمات إلى النور وربوا الناس على الأخلاق الإسلامية .
وقد وردت كلمة الحب في القرآن الكريم ( 88 ) مرة
لم يرد فيها الحب الخاص بالصلة بين الرجل والمرأة إلا مرة واحدة وذلك
في قوله تعالى في سورة يوسف { وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } (30) يوسف
أما ماعدا ذلك فقد ذكر القرآن الكريم الذين يحبهم الله والذين لا يحبهم .
ومن آيات القرآن الكريم {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } البقرة(195) {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ } ال عمران(146) {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } ال عمران (159) {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ } التوبه (108)
{ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ } الصف (4) ومن آيات القرآن الكريم {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ } البقرة (205) {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا } النساء(107) {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } المائدة (87) { إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } الاعراف (31)
المؤمن يحب الله تعالى
الحب لله تعالى هو حب الطاعة والانقياد لكل ما جاء بالقرآن الكريم ، والسنة النبوية ، والالتزام بمنهج الله تعالى ، والسير على رضاه يقول النبي صلى الله عليه وسلم{ لا يؤمن أحدآم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به }
ويقول الله تعالى { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ } البقرة (165)
وقد طلب الله تعالى من نبيه أن يقول للمؤمنين { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ال عمران (31) فليس الحب كلمة تقال ، وإنما هي عاطفة واتجاه
وطاعة وسلوك .
وقد نبه الله سبحانه وتعالى أبا بكر الصديق والمسلمين إلى مثل ذلك بعد براءة عائشة رضي الله عنها من حادثة الإفك ، فقد قال أبو بكر : والله لا أنفق على مسطح( اسم الشخص الذي اعلن القصة) شيئاً أبداً بعد الذي قال في عائشة ، وأدخل عليها ما أدخل ، فأنزل الله تعالى { وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } النور (22) وقال أبو بكر : والله إني لأحبُ أن يغفر الله لي وأرجع إلى مسطح نفقته التي كان ينفقها عليه وقال : ( والله لا أنزعها عنه أبداً ) وهذه السرعة في الاستجابة تبين مدى حب أبي بكر لخالقه سبحانه وتعالى .
اليهود والنصارى وادعاؤهم أنهم أحباء الله
وقد ظن اليهود والنصارى أن الله يحبهم وسيعاملهم معاملة خاصة مع أنهم لا يطيعون أوامره ولا يستجيبون لعمل الخير وهذا لون من الغرور وقد رد القرآن الكريم عليهم رداً يبين لهم أنهم لا يتميزون على غيرهم من مخلوقات الله { وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ۖ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } المائدة (18)
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
هذا لعمري في الفعال بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيعٌ
ماذا يحب الله؟
فعن عبد الله بن مسعود قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم :
أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل ؟
قال : [ الصلاة لوقتها ]
قلت : ثم أي ؟
قال : [ بر الوالدين ]
قلت : ثم أي ؟
قال : [ الجهاد في سبيل الله ] (البخاري ومسلم ) .
وعن أبي العباس الساعدي قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس
قال : [ ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس ] (ابن ماجه) .
ماذا يحب الناس ؟
الناس بصفة عامة يحبون الحياة الدنيا وما فيها من زينة ومال وجاه ونساء وقد بين القرآن الكريم ذلك فقال { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } ال عمران (15)
وقد نعى القرآن الكريم على الذين يجعلون الدنيا اكبر همهم ولا يلتزمون بالمنهج الإلهي ترى ماذا يفعلون يوم القيامة { إِنَّ هَٰؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا } الانسان(27)
لكن الذين يؤمنون بالله لا يحبون إلا ما يحبه الله ومنهم :
يوسف عليه السلام الذي خُير بين الاستجابة لرغبات امرأة العزيز أو السجن فقال في إصرار :
{ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ } يوسف (33)
وامرأة فرعون التي آمنت بالله وأًصرت على ذلك وعذبها فرعون بكل ما استطاع فقالت :
{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } التحريم(11)
وقال عن الأنصار
قال تعالى{ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } الحشر(9)
اللهم حبب الينا الايمان وزينه في قلوبنا وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين