هضب الدياحين يُنازع طخفة الجرير في هضب القليب - موقع الشاعرغازي البراك موقع الجميع

إظهار / إخفاء الإعلاناتحاصل على ترخيص من وزارة الثقافه والاعلام السعودي
قناة غازي البراك
عدد الضغطات : 35,715 عدد الضغطات : 60,762 حفل زواج
عدد الضغطات : 20,117
http://www.sot3bs.com/do.php?imgf=sot3bs_13309238811.jpg
عدد الضغطات : 33,992 عدد الضغطات : 65,869 عدد الضغطات : 30,872
عدد الضغطات : 24,517 عدد الضغطات : 74,158 البديوي
عدد الضغطات : 38,770

القرآن الكريم الإمساكية اللهم آتني الحكمه التي من أوتيها فقد أوتي خيرا" كثيرا"
آخر 10 مشاركات
جدول زوجات قبيلة المشاعله لعام 1446 (الكاتـب : - )           »          صور زواج صالح واحمد ابناء عيد ثاري بن فانود المهميزي 6-5-1446 (الكاتـب : - )           »          صور زواج يزيد رابح بن مرزيق البراك 29-4-1446 (الكاتـب : - )           »          صور زواج يوسف عنيزان وعبدالله نصار ناصر البراك 28-4-1446 (الكاتـب : - )           »          صورحفل زواج ماجد زاهي عبدالله الشعباني 15-4-1446 (الكاتـب : - )           »          جدول زواجات البراك عام 1446و1447 (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          صور زواج موسى فهد صدعان العويمري 1-4-1446 (الكاتـب : - )           »          صورزواج رجاء مالح وعادل محمد البراك 10-3-1446 (الكاتـب : - )           »          صور حفل جمعية صلاح ذات البين بقصر فنيسيا بحائل 27-8- 2024 (الكاتـب : - )           »          صورزواج هديبان شامان هديبان بن صمدان البراك 4-2-1446 (الكاتـب : - )


 
العودة   موقع الشاعرغازي البراك موقع الجميع > المنتديات العامة > منتدى المعالم التاريخيه والأثار والتراث والقرى والمدن والسياحه ومشاهير العرب

منتدى المعالم التاريخيه والأثار والتراث والقرى والمدن والسياحه ومشاهير العرب المعالم التاريخيه ومشاهير العرب )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 12-09-2013, 08:00 PM   رقم المشاركة : 1
كاتب وباحث تاريخي بالانساب العربيه




الحالة
عطا الله ابن حنيه المظيبري غير متواجد حالياً

عطا الله ابن حنيه المظيبري is on a distinguished road


 

افتراضي هضب الدياحين يُنازع طخفة الجرير في هضب القليب




يبيّن قدماء المؤرخيين بما لا لبس فيه أن السباق التاريخي الشهير بين داحس و الغبراء قد جرى في هضب القليب من بلاد فزارة في ناحية من الشّربّة وان هذا الهضب بعد أن خلت جوانبه من بني ذبيان أصل قبيلة فزارة أصبح في القرن الثالث من الهجرة يمثّل الحد الفاصل بين بني سليم و بني عامر في عالية نجد ، و كان من أمر ذلك السباق المشؤم أن أشعل الحرب المعروفة بـ "حرب داحس و الغبراء" على ما هو مسطر في أخبار العرب
وأشعارهم القديمة.
فإذا كانت أحداث تلك الحرب قد خلّدت ذكر اسماء عدد كبير من الأبطال الذين خاضوا ضمارها ،و ضربوا في ميدانها الفسيح أروع الأمثلة في الشجاعة و الفروسية من كلا الطرفين فإن هضب القليب بما جرى على أرضة هو الآخر لم يكن أقلّ حظّاً في الخلود والشهرة ممن لمعت أسماؤهم في هذه الحرب ، حتى أن بعض العلماء كان يحدد به بعض المواضع القريبة منه ، كالهمداني عند ذكره معدن الضبيب .
هذا الهضب الذي يحمل من تاريخ العرب في الجاهلية ما لا تحمله ذاكرة مكان آخر ، قد أصبح غير معروف باسمة القديم في هذا العهد ، و لذلك نهض عدد من العلماء المتأخرين ، ليتـثبتوا من تحديد موقعة ، مع معرفة اسم مسمّاه حالياً ، فلنمعن النظر في أقوال العلماء قديماً و حديثاً عن هذا الهضب ، ثم من دراسة النصوص و المشاهدة الميدانية نوضح رأينا في هذه المسألة .


أقوال المتقدمين من العلماء

1- قال ياقوت و هو يستعرض أقوال أهل العلم عن هذا الهضب : هضب القليب علم فيه شعاب كثيرة ، قال الأصمعي : هضب القليب بنجد ، و الهضب جبال صغار، و القليب في وسط هذا الموضع يقال له ذات الإصاد ، وهو من أسمائها، و عنده جرى داحس و الغبراء ، قال العامري : هضب القليب نصف بيننا و بين بني سليم ، حاجز فيما بيننا ، و القليب الذي ينسب إليه بئر لهم ... و قال أبو زياد: و بنو وبر بن الأضبط بن كلاب لهم من المياه هضب القليب ، و القليبب ماء ، و لهم هضب كثير .


و في رسم ذات الإصاد قال ياقوت : ذات الإصاد بالكسر : اسم الماء الذي لُطِمَ عليه داحس فرس قيس بن زهير العبسي ، و كان قد أجراه مع الغبراء فرس لحذيفة بن بدر الفزاري ...
و قال أبو عبيدة : ذات الإصاد : ردهه في ديار عبس وسط هضب القليب ، و هضب القليب علم أحمر فيه شعاب كثيرة في أرض الشربه ، وقال الأصمعي : هضب القليب بنجد جبال صغار، و القليب في وسط هذا الموضع يقال له ذات الإصاد،وهو من اسمائها(1) ،والردهة : نقيرة في حجر يجتمع فيها الماء .. و في رسم دارات العرب قال ياقوت: دارة و يقال دارة هضب القليب ، قال جميل :
أشاقك عالجٌ فإلى الكثيب .
إلى الدارات من هضب القليب .
2- قال البكري معلقا على شعرابن مقبل في رسم المضيّح(2):

سَلِ الدَّارَ من جنبي حبرٍ فواهب
إلى ما رأى هَضْب القليب المضّيحُ

هضب القليب لبني قنفذ من بني سليم . و هناك قتلت بنو قنفذالمقصصَ العامري . وفي رسم ذات الإصاد قال : ذات الإصاد بكسر أوله و بالدال المهمله على وزن فعال : موضع ببلاد فزارة،وهو الموضع الذي أقعد فيه حذيفة بن بدر فتياناً من فزارة،لما تغالق هو وقيس ابن زهير على داحس و الغبراء و قال لهم : إن مرّ بكم داحس متقدما فالطموا وجهه و نهنهوه حتى تقدمه الغبراء ، ففعلوا ، ثم مضى داحس حتى لحق غبراء ، قال بشر بن أبي حمام العبسي :


لُطمِنَ على ذات الإصاد و جمعهم يرون الأذى من ذلةٍ و هوان

و قال اليزيدي : ذات الإصاد : أراد ذات حسيٍ. و قيل ذلك الشعب يسمّى شعب الحيس ،لأن حذيفة أطعمهم هناك حيساً .و قال الصولي : وقد أنشد قول أبي تمام :


و غادر في صدور الدهر قتلى بني بدر على ذات الإصاد

ذات الإصاد : الردهة التي قتل عليها قيسُ بن زهير حذيفة بن بدر ، و هي موضع ماء بالهباءة .


و أقول :يحسن التنويه هنا إلى أن في قولي اليزيدي و الصولي اللذين أوردهما البكري في كلامه على ذات الإصاد إلتباساً واضحاً من الخلط ،فاليزيدي: خلط بين ذات الإصاد
و ذي حسي ، وبين ذي حسي و شعب الحيس ، فهي أ سماء لثلاثة مواضع مختلفة ، فذات الإصاد : اسم للردهه أو القليب الذي من عندها ذرعت مسافة السباق و إليها منتهى الغاية،وذو حسي:وادٍ قد وقعت فيه إحدى وقائع أيام داحس و الغبراء ،وهو اليوم يعرف بـ"حسوعليا" وفيه بلدة كبيرة بهذا الاسم ، لبني عبد الله من مطير،و شعب الحيس في وسط هضب القليب ، وفيه موضع الردهه و القليب الذي ينسب إليه الهضب ، قال نصر: الحيس : شعب الحيس بالشّربّة من هضب القليب في ديار فزارة ، سُمّي به ، لأن حمل بن بدر ملأ دلاءً من الحيس ووضعها في هذا الشعب ، حتى شرب منها قوم ردوا داحسا عن الغاية.
و قال حمد الجاسر : الحيس : يصنع من التمر و الإقط (3). أما الصولي : فخلط بين مقتل حذيفة بن بدر على ماء جفر الهباءة وماءة ذات الإصاد ، فهما موضعان متغيران.
3- قال الأصفهاني : و هضب القليب: بلاد منقطعة لعمرو بن عبد الله بن كلاب ، و ناحية منها لبني سليم .. قال العامري : و هضب القليب : نصف ما بين بني عامر و بني سليم ، حاجز فيما بيننا و بينهم ، و القليب الذي ينسب إلية الهضب لهم(4).
و أقول : القول في أن هضب القليب لعمرو بن عبد الله بن كلاب لا يتعارض مع قول أبي زياد المتقدم في نص ياقوت في أن هضب القليب من مياة و بر بن الأضبط بن كلاب ، فالحيّان كلاهما من بني كلاب من بني عامر ، فلا أشكال في أن يتجاورا أو يعقب أحدهما الأخر في هذا الموضع .
أمّا أن تكون بلاداً منقطعة :- أي غير متصلة بديار بني عامر – فالأصفهاني لم يوضح السبب ، و لكن أن تكون من مياه وبر بن الأضبط و مشاركة بني سليم لهم فيه دليل على أنها متعالية بجهات حدود بني سليم النجدية الواقعة إلى الشرق من حرّة رهاط ، و لبني محارب ابن خصفة في عهد الأصفهاني منازل كثيرة تقع بين بني سليم وبني الأضبط في هذه الناحية ، فليس من المستبعد أن يكون ذلك هو السبب في أن تكون بلاداً منقطعة ، مثلها في ذلك مثل جبل "فرقين " الذي يمرُّ وادي الشعبة بينة وبين جبل شابه ، فقد عّدة الأصفهاني من جبال ربيعة بن الأضبط من بني كلاب (5) ، فيما بلاد واسعة تتخلّلهاُ جبال و أودية و مياة لبني محارب تقع بين جبل فرقين هذا و بلاد ربيعة بن الأضبط بجهات جبل المضيّح .
4- قال الزمخشري :ذات الإصاد : ردهة وسط هضب القليب ، وهضب القليب علم أحمر في شعابُ كثيرة وهي في نجد .(6)
5- قال الهمداني : وهو يعدد معادن اليمامة و ديار ربيعة : و معدن الضبيب .. عن يسار هضب القليب .(7)
6- روى بن الأثير ما دار من نقاش بين حذيفة بن بدر و قيس بن زهير في الخيل و ميدان السباق و قال ..... قال له قيس : نفّس في الغاية و أرفع في السبق فقال حذيفة : الغاية من "أبلى" إلى "ذات الإصاد" و هو قدر مائة و عشرين غَلوَة و السبق مائة بعير (8) .
و أقول : يكاد متقدموا العلماء يتفقون على أن مسافة السباق كانت مائة غَلوة ،خلافاً لرواية بن الأثير هنا ، و الغلوة : مائة باع ، أو: أبعد مسافة يقطعها السهم ، و الميل ، ألف باع ،
و الفرسخ : ثلاثة أميال ، و للبريد : أربعة فراسخ (9) و على هذا فمسافة مائة غلوه ،هي على أقل تقديرا تتراوح بين 19 إلى 20 كيلاً .
7 – و قال أبو عبيدة : و قد جعلت بنو فزارة كميناً بالثّنِيّة ، فاستقبلوا داحساً فعرفوه ، فمسكوه و هو السابق … حتى مضت الخيل و أسهلت من الثنية ، ثم أرسلوه فتمطّر في آثارها أي : أسرع فجعل يبدرها فرساً فرساً ، حتى سبقها مصليّا ، و قد طرح الخيل غير الغبراء ، و لو تباعدت الغاية سبقها(10) ……



(1) معجم البلدان : 1/205، 2/331، 3/347، 5/ 407

(2) معجم ما استعجم : 1/ 161، 2/ 235

(3) العرب : شعبان / 1408هـ عدد 120

(4) بلاد العرب : 141 - 142

(5) المصدر نفسه : 194

(6) الجبال و الأمكنة و المياة : 147

(7) صفة جزيرة العرب : 291 ، 299

(8) الكامل : 1/346

(9) النحو الوافي : 2/ 254

(10) النقائض : 1/86





==============================




خلاصة ما سبق :
1- هضب القليب يقع بالشربة من أرض فزارة في عالية نجد .
2- إنه علم أحمر فية شعاب كثرة .
3- إنه جبال صغار .
4- هذا الهضب نصف بين بني عامر وبني سليم .
5- القليب التي تضاف إليه وسط هذا الهضب في حقوق بني سليم .
6- ذات الإصاد : اسم الماء الذي تنتهي إليه الغاية من السباق ، ومن عنده بدأ الذارع يذرع مسافة السباق ، و هي مائة غلوة : أي : أثنا عشر ميلا تقريبا ، و انتهى إلى مكان ليس له اسم (11) ، و قيل : "أبلى" و قد سبقت الإشارة إليه ، و قيل "واردات " وفي رواية أن واردات (12): اسم أُطلِقَ لاحقا على المكان الذي انطلقت الخيل منه إلى ذات الإصاد (13)، و ذات الإصاد عند الأصمعي من اسماء القليب المضاف لها الهضب ، و عند أبي عبيدة و الزمخشري اسم "الردهه" التي يعدُّ أوّل من يكرع فيها من الخيل المتسابقة هو السابق .
7- شعب الحيس : وسط هضب القليب .
8- في طريق السباق "ثنية" غير بعيدة عن الغاية وهو مكان الكمين الذي أقعد فيه حذيفة فتيانا من قومة لصد داحس عن الغاية إن جاء سابقا
9- فيه داره و يوصف بكثرة الدارات .
10- معدن الضبيب يقع عن يسار هضب القليب .




أقوال بعض العلماء المتأخرين عن هضب القليب

1- قال الشيخ حمد الجاسر - يرحمه الله - : أكثر أقوال المتقدمين عن هضب القليب تدل على أنه يقع بين بلاد بني سليم وبلاد بني عامر ، بقرب جبلي "المضيح" و "حبر" المعروفين على ضفة وادي الجرير ( الجريب قديما ) ، و أكثر الأوصاف التي ذكروها تنطبق على ما يعرف الآن باسم (طخفة) الواقعة غرب هضب العسيبيّات على ضفة وادي الجرير الغربية ، و تسمية طخفة لهذا الهضب حادثة ، فطخفة معروفة قديما و حديثا تقع شمال ضريّة بينها و بين إمّره(14) ...
2- قال سعد بن عبد الله بن جنيدل – يرحمه الله – في رسم طخفة في أعالي الجرير : هضاب حمر كبار ، تقع غرب هضاب شعب العسيبيات ، يمر وادي الجرير بينها و بين هضاب الشعب ، واقعة في بلاد ربيعة بن الأضبط ، أما في هذا العهد فإنها واقعة في بلاد الروقة من عتيبة التابعة لإمارة عفيف ، و لم أر لها ذكراً بهذا الاسم في كتب التاريخ و يبدو لي أن هذه الهضاب هي هضب القليب ، و أن تسميتها طخفة تسمية حديثة (15).
3- قال العبودي وهو يتكلم عن طخفة المشهورة : هناك جبل آخر يسمية بعض أهل البدو (طخفة) غير جبلنا هذا الذي نتكلم عليه وهو واقع إلى الغرب من طخفة الحمى هذه بمسافة بينهما حوالي (170) كيلاً وهو هضب آخر أعتقد أنه هو الذي كان يسمى في القديم "هضب القليب" تغيّر إلى طخفة (16).


حـول طـخـفـة

تقدم ذكر ما تقرر عند بعض علماء البلدان المعتبرين من أهل العصر من كون طخفة الجرير هي هضب القليب ، فلّما كان المشاهد أصح أخباراً من الناقل – كما يقال – بدأت زيارة لطخفة هذه يوم الأربعاء 1/محرم /1434هـ و قد أدركنا الليل عندها ، فبتنا بجوارها في هضب حسلات ، و في الصباح الباكر كان لنا جولة ثانية فيها ، و قد أظهرت المشاهدة أن طخفتنا هذه تتألف من هضبتين كبيرتين متغايرتي اللون ، إحداهما (حمراء) و هي الجنوبية ، و الأخرى (شهباء) وهي الشمالية ، وكان لافتاً رؤية بقع من الشامات السود في سفحها الشرقي و الغربي ، على هيئة طخاف المزن ،


فالهضبتان متجاورتان من الشمال إلى الجنوب ، و يقال لهما (طخفات) بصيغة الجمع ،والمسافة بينهما لا تزيد عن كيلين اثنين ،مع خلو موضعهما من أي قطعة من الأرض يمكن أن تنطبق عليها صفة الدارة عند العرب ، و هي أحدى صفات هضب القليب .
انظر الصورة رقم (1،2)
و من جانب آخر فأن النظرة في منازل القبائل العربية القديمة توضح أن منازل بني عامر تقع إلى الشرق من منازل بني سليم في أي نقطة يلتقون عندها ، على طول الحدود المشتركة بينهما ، فيما طخفة هضبتان متوازيتان من الشمال إلى الجنوب واقعة في ديار بني الأضبط بن كلاب العامريين ، في خط إمتدادهم على الضفة الغربية لوادي الجرير (الجريب قديماً).
و هذا الواقع لا يتفق لا من حيث المنازل بين القبيلتين و لا مع ما نقل الأصفهاني و ياقوت عن الأصمعي و العامري من أن هضب القليب جبال صغار ، نصفة لبني عامر و النصف الآخر لبني سليم فحسب ، بل يبعد إحتمال أن تكون طخفة هي هضب القليب ، و أيضاً يثير التساؤل عن اسمها : هل كان قديما أم حديثا ؟














جُحَيْفة الضبابيّة و طخفة
هناك ما يدل على أن طخفة هذه كانت تعرف بهذا الاسم منذ القدم ، فقد ورد على لسان الشاعرة جحيفة الضبابية من بني كلاب العامريين اسم طخفة مقروناً بذكر"هضب القليب"و"جُزجُز"ـــ وهذا الأخير عدّه الأصفهاني من جبال بني وبر بن الأضبط ــ في قصّة لها مع زوجها ، و قد توعّدُها أن قالت بيتاً أن يقتلها (17) ، فلم تمتثل لأمره فقالت :


دَعُوْني و أبياتاً أقُلْهنَّ و يَحْكمْ


و إن جَمَعَتْ حرباً سليمُ وعَامِرُ


نَعَمْ أنا عن هضب القليب جُزجُز


وعن طِخْفةََ الشمِاء لابُدّ نَافِرُ


كما نَفَرتْ صهباء عَنِ البَوِّ قَادَهَا


إلى غير شبهٍ بالحِنَاكِةِ عَاسِرُ


و كلمة "الشماء" نوّه عنها الأستاذ : الشايع أنها في اصل المخطوطة "الشيماء" و ليست الشماء(18). وفي محيط المحيط : "الأشيم من به شامات، و الأنثى شيماء ج شيم و شوم"(19).
وفي كلامه على حمى ضرية ذكر أبو علي الهجري هضب الأشيق بناحية سواج ، و منه هضبة يقال لها "الشيماء"(20)، و علل تسميتها بالشيماء لوجود سواد في عرضها و أنشد لأحد الشعراء في وصفها :


ألا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيْتَنَّ ليلةً


و هضْبُ الحِمَى جارٌ لأهلِي مُخَالفُ


نَظَرْتُ فَطَاَرتْ من فِؤادي طيرةٌ


ومن بصري خلفي لو أني أُخالِفُ


إلى قُلةِ الشيماء تبدو كأنها


سماوة جَلبٍ أو يمانٍ مفاوفُ


ترى هضبها من جانبيها كأنها


جريدةُ شَوْلٍ حول قومٍ عَواكِفُ


و كان لي وقفة عندها أثناء رحلة قمت بها عام 1405هـ متتبعاً أعلام حمى ضرية القديم ،
و قد شاهدت في أعلى عرضها السواد الذي ذكره أبو علي الهجري ، و هي اليوم تعرف باسم " الدودية" على مقربة من الطرف الشمالي لجبل سواج ، و تقدم في وصف طخفة الشمالية كثرة الشامات فيها ، مما يعطي إنطباعاً أن وصفها بـ"الشيماء" كان تميزاً لها عن طخفة الواقعة بين سواج و ضرية .


وعن العهد الذي عاشت فيه الشاعرة يرجح الشيخ حمد الجاسر – يرحمة الله – أنها عاشت في عهد يقرب من عهد أبي علي الهجري : "من أهل القرن الثالث الهجري" ، و أورد ترجمة لزوجها و قال : و لجحيفة هذه أخت اسمها شريقة شاعرة ... و مما ذكر المهاجاة بين جحيفة و بن الدُّهي الفزاري ، و أن زوجها قُرّة "أو عقبه" بن عياض اللبيدي (أحد بني مالك بن أهيب بن عبد الله بن قنفذ بن مالك بن عوف بن أمرئ القيس بن بهثه بن سليم ) (21).
و بنو قنفذ هم سكان شطر هضب القليب الذي لبني سليم ، بنصّ الأصفهاني السابق ذكره
ومن فروعهم : بنو غلاّق و بنو لَبِيد قال الشاعر:


تَغَنيّتَ يا عْمِريُّ لما تَبَاعَدَتْ


بنو قُنَفُذٍ غَلاّقُها و لَبِيدُها

و السؤال : من أي طخفة ستنفر عنها جحيفة إن قامت – بسببها – الحرب بين بني عامر وبني سليم ؟ هل هي طخفة الواقعة على طريق الحاج البصري بين سواج و ضرية ، و هي من أشهر مواطن قومها"الضباب" و سكناهم أم من طخفة أخرى ؟
والواقع أنه بعد ثلاث زيارات قمت بها بين حين وآخر لـ"هضبة طخفة الجرير" بتُّ مقتنعا بأن طخفة في شعر جحيفة هي طخفة الجرير ، و عليه فهي تحمل هذا الاسم منذ القدم .


نظرة على هضب حسيلات

لمّا استبعدت أن تكون طخفة الجرير هي هضب القليب استرعى إنتباهي هضب أحمر صغار بجوارها ، على مسافة ثمانية عشر كيلاً نحو الجنوب الغربي منها ، يقال له "حسلة" و أحياناً "حسلات" بصيغة الجمع قد يكون هو هضب القليب ؛ لقربه من جبل "حبر" من ناحية ، مع إمكانية رؤية جبل "المضيح" من عنده إن كان الجو صحواً من ناحية آخرى ، كما جاء في شعر بن مقبل :

سَلِ الدَّارَ من جنبي حبرٍ فواهب
إلى ما رأى هَضْب القليب المضّيحُ

و هذا الهضب ذكره أبن جنيدل في معجمة (22) و قال: و لم أرَ لحسلات ذكراً فيما اطّلعتُ عليه من كتب المعاجم القديمة . و أورد في تحديده ووصفه شعراً لشاعر من البادية مرّ به في يوم ممطر ،


فأنشأ يقول :

سَوّيْتْ لي فنجال عذب شَرَابهْ
بِدْلاَلْ شاميّات بيْضٍ رَبِيْبَــهْ
من هضبةٍ حمرا و طَاهَا سَحَابَه
مَزْمُومة في وسط دِيرة عتيبَةْ
مقابلة للشعب تسْبرْ هَضَابهْ
شمال حبر من الغرابه قريبةْ

ثم قال : يبدو لي أن "حسلة" الواقعة في أعلى الجرير هي الجبل المعروف قديماً باسم واهب ؛ لأن واهباً ورد في الشعر العربي مقروناً بذكر "حبر" و "المضيح" و "هضب القليب" القريبة من حسلة ...
و أقول : بما أن ابن مقبل قد ذكر هضب القليب مقروناً بذكر ثلاثة مواضع من الجبال لاتزال معروفة و هي : " حبر" و "واهب" و "المضيح" فالأول : يقع إلى الغرب من أعالي وادي الجرير ، على مقربة من الذنائب في أسفل الدفينة ، و الثاني : يطلق على
" قاع" و "حزم" فيقال : قاع واهب و حزم واهب جنوباً من حبر (23) ، و "حسلة" هذه في شماله ، و الثالث : يشاهد من هضبة تيماء بجوار بلدة طلال بالعين المجردة على الضفة الغربية لوادي الجرير ، و عليه فـ "حسلة" ليست بواهب ، و لذلك أجدني أكثر إندفاعاً إلى البحث عن أدلة و قرائن تؤيد أو تنفي ما يجول في ذهني من إحتمال أن تكون هي هضبنا مدار البحث .
فبالرجوع إلى معاجم البلدان القديمة والحديثة تبيـّن بوضوح أن"حسلة" في شعر القتال الكلابي :


عفا من آل خرقاء السَّـتَـارُ


فبُرقَةُ حَسْلةِ منها قِـفََارُ


فِأوحشَ بعدنا منها حبرٌ


ولم توقد لها باَلذّئب نَارُ


لَعَمْرُك إننّي لأُُُحبُّ أرضاً


بها خَرْقاء لو كانت تزارُ


هي "حسلة" الواقعة في الغرب من أعالي وادي الجرير ، وليست "حسلة أو حسلات" بناحية شعبا ، بدليل أنه ذكر إلى جانب برقة حسلة ثلاثة مواضع من الجبال متقاربة معها ، و هي "الستار" بالقرب من هضب الجثوم في الجهة الشرقية لمجرى وادي الجرير و"حبر" جنوباً من حسلة ، و "الذئب" جنوب بلدة ثرب ، أمّا برقة حسلة فتقع بينها و بين حبر(24).

(11) أيام العرب في الجاهلية : 251

(12) النقائض : 1/86

(13) نظرات في معاجم البلدان : 1/64

(14) الجوهرتين : 381 هامش( 1)

(15) معجم عالية نجد : 2/876

(16) معجم بلاد القصيم : 4/ 1471

(17) التعليقات والنوادر : 2/565

(18) نظرات في معاجم البلدان : 1/53-54

(19) محيط المحيط : 493

(20) التعليقات والنوادر : 3/1424

(21) التعليقات والنوادر : 2/564

(22) عالية نجد : 1/333

(23) الدخول و حومل : 212- 224 للشايع

(24) نفس المصدر :215









التوقيع :

رد مع اقتباس
 
قديم 12-09-2013, 08:02 PM   رقم المشاركة : 2
كاتب وباحث تاريخي بالانساب العربيه




الحالة
عطا الله ابن حنيه المظيبري غير متواجد حالياً

عطا الله ابن حنيه المظيبري is on a distinguished road


 

افتراضي رد: هضب الدياحين يُنازع طخفة الجرير في هضب القليب

جنوباً من حسلة ، و "الذئب" جنوب بلدة ثرب ، أمّا برقة حسلة فتقع بينها و بين حبر(24).
و من طرائف ما يروى أن ركباً من الحجاج بعد أن أدّوا مناسكهم مروا بـ" فلجة" من منازل بني البكّاء من بني عامر أسفل من الدفينة ، فكان لهم مع خرقاء البكائية العامريّة حديث رواه صاحب المناسك و قال : أخبرني ابن أبي سعد عن النوفلي عن أبية أن فلجة لبني البكّاء ، وهي منزل خرقاء صاحبة ذي الرمه . مروا بفلجة منصرفين من الحج ، فوقفوا على خرقاء و هم لا يعرفونها ، قالت: من الركب؟ قالوا: من بني عدي الرباب. قالت: رهط ذي الرمة ؟ قالوا : نعم . قالت : قد تركتم منسكا بقي عليكم من مناسك الحج . قالوا : و ما هو ؟ قالت: أوما سمعتم ذا الرمة يقول :

تمامُ الحجّ أن تقف المطايا
على خرقاء واضعة اللثامِ
قالوا : و إنك لخرقاء؟ قالت: نعم ! فأناخوا عندها .(25).
و لذي الرمة مع صاحبته خرقاء خبر طويل في : "الأغاني : 17/337 – 343" و لا أدري أخرقاء في شعر القتال الكلابي هي صاحبة ذي الرمة أم خرقاء أخرى ؟
و بهذا يتضح أن ما كان يخامرني من إحتمال أن تكون حسلة هي هضب القليب كان إحتمالا في غير محله ، فهي على اسمها القديم.
في جهات أبلى
بعد أن اتضح أن أوصاف هضب القلب لا تنطبق مجتمعة على هضبة طخفة ولا على هضب حسلات بجوارها قررتُ أن اوسّع نطاق البحث عن هذا الموضع في "أُبْلَى" وهذه سلسلة جبال تبدئ من مدينة "مهد الذهب" باتجاه الشمال الغربي نحو المدينة المنورة ، فتنقطع عند وادي"عريفطان" على مقربة من بلدة "الضميريّة" إلا أنني رأيتُ أن أسأ ل سلفاً أحد علماء البلدان المشهود له بعمق التحقيق وسعة الإطلاع ، هل فهمه لشعر جحيفة الضبابيّة يتفق أو يختلف مع فهمي له ، تحوُّطاً من الوقوع في وهمٍ من الفهم الخاطئ ؟
ولهذا توجهتُ بالسؤال إلى الأستاذ والمحقق : عبد الله بن محمد الشايع ، وقال: يبدو إنَّك لم تطّلع على تحقيقي عن هذا الهضب ، في الجزء الاول من كتابي:
"نظرات في معاجم البلدان"، وقد توصلت فيه إلى أن "هضب الدياحين" هو ما يعرف قديماً بـ"هضب القليب"، أمّا قراءتك لشعر جحيفة الضبابيّة فيوافق ماعندي، وكان لي أن اجتمعتُ به، في بيته العامر بحي الوادي بالرياض، وكان ذا أدب جم ، فأهدى اليّ كتابه المشار اليه ، لعدم وجود نسخة منه في السوق ، ومن قراءتي لهذا الكتاب القيّم اتّضح أن كتاب:
"صحيح الأخبار" لابن بليهد كان من أهم المصادرالتي استفاد منها، فيما توصل إليه عن هضب القليب ، وهذا الكتاب الأخيرلم أكن قد اطّلعتُ عليه من قبل ، وهوما دفعني إلى الحصول عليه ، والإستفاده منه .
هضب القليب و هضب الدياحيين
و بخلاف ما سبق ذكره من أقوال بعض علماء البلدان المتأخرين في أن هضب القليب هو ما يعرف اليوم باسم "هضبة طخفة" يرى بعضهم الآخر أن "هضب الدياحيين" هو ذلك الهضب القديم من دون سواه ، منهم :
1- الشيخ ابن بليهد – يرحمة الله – و هو أقدم أصحاب كتب المعاجم المعاصرة الذين حددوا هذا الموضع و قال : و أما القليب فمعروفة عند العرب ، وقد يضاف إليها فيقال :"هضب القليب" و هي تقع عن جبل كشب في جهته الشمالية في أعلى الشّرَبّةَ ،و القليب هذه هي التي أجريت فيها داحس و الغبراء ، و كانت الحرب بين فزارة وبني عبس ، ثم أورد بعض الأشعار التي قيلت في هذا الموضع ، و قال : و هضب القليب بهذا الاسم قد درس ، و الباقي من اسمه يقال له "هضب الشرار" (26) ، ثم مالبث أن تراجع عن هذا ، ليقرر مرة ثانية أنه "هضب القتاد" (27) .و في كتابه : " ماتقارب سماعه و تباينت أمكنته وبقاعه " يقول فية عن هضب القليب : و هذا الهضب هو الذي أجريت فيه داحس والغبراء ، و كان سبب الحرب التي تسميها العرب حرب داحس والغبراء ، و كانت هذه الحرب بين عبس و ذبيان ...
و هذا الهضب غربي شرورى و لا يعرف في هذا العهد إلا بهضب الدياحين يختصون به ؛ لأنهم يطيلون الإقامة به (28)
و أقول : قوله :"غربي هضب شرورى " سبق قلم ، و إلا فهو يقع إلى الجنوب من هضب شرورى (الشرار) بمسافة عشرين كيلاً (29).
2- الباحث الآثاري الشيخ عبد الله بن محمد الشايع له عن هذا الهضب بحث مطول من "87" صفحة ، يفيض بالكثير من العلم النافع في موضوعه ، و مما جاء فيه قوله : يكاد يجمع علماء البلدان في عصرنا الراهن على القول بأن هضب القليب هو ما يسمى "طخفة" الواقعة على الضفة الغربية لوادي الجرير ( الجريب قديما) و إستعراض ما كتبه من ذهب إلى هذا الرأي نجد أن دليله إلى هضب القليب هو قول بن مقبل :
سَلِ الدَّارَ من جنبي حبرٍ فواهب
إلى ما رأى هَضْب القليب المضّيحُ
حيث فهم من هذا البيت بعد زيارته للمواضع المذكورة فيه أن تحديد ابن مقبل ينطبق على "طخفة" لأنها قريبة من حبر و كذلك المضيح إذ أن جبل المضيح يناوح "طخفة" من الشمال ، و يمكن أن يرى أحدهما من الآخر .
و لما كان هذا البيت من الأهمية بمكان في بحثنا هذا فأنه يصدق عليه – كما يقال –
"بيت القصيد" فأقول – و القول للشايع- : إن الأنسياق وراء الأخذ بهذا البيت و إعتباره دليلاً قاطعاً على قرب "هضب القليب" من "هضب المضيح" و أن حدهما يرى من الآخر يجر إلى القدح في بعض النصوص الواردة في تحديد "هضب القليب" .
ثم بعد أن أشبع هذا الموضوع بحثاً و تحليلاً و إستنتاجاً ، خلص إلى أن ذلك الهضب هو ما يعرف في هذا العهد بـ"هضب الدياحين" وأن"القليب" التي تضاف إليه هي تلك البئر التي كانت تعرف عند قدماء أهل العصر باسم "أبو ركب" ؛ لوجود نتوءات من الصخور البارزة في عمقها ، و حولها ثلاث فتحات إلى أسفل البئر – حسب رواية رجلٍ مُسِنًّ للشايع – و هي اليوم قد أصبحت أثراً بعد عين، و أن "شعب الحيس" هو الشعب الذي تقع بئر "أبو ركب" في أعلى مجرى سيله منحدراً من عندها صوب الغرب ، و أن "الردهه" هي هذه الحُفَيْرة التي خلقها الله في صخرة بجوار آثـار بئر أبي ركب ، و يأخذ برواية الأصمعي أن " ذات الإصاد " من اسماء القليب التي تضاف إلى الهضب فيقال له "هضب القليب" ويرجح أن آثار التعدين الواقعة بين هضب الشرار و هضب الدياحين و التي تعرف اليوم باسم "أم الدمار" هي آثـارمعدن الضبيب قديماً.


مفارقة عجيبة
ومن مفارقات العجب أن أحد الباحثين قد ذهب قبل سنتين من الآن إلى أن قاع السباق الواقع في الطرف الشمالي الغربي من حّرة النار ( حرّة بني رشيد) و تحديداً عند نهاية الطرف الجنوبي لموضع "الضحايا" من "الظهر" هو المكان الذي جرى فيه السباق بين داحس والغبراء ، و بزهوٍ من الجهل أخذ ينصب أكثر من لافتة حول هذا القاع ، لتوجيه النظر إليه ، تمهيداً لإحضار إحدى القنوات ، ليعلن عبر شاشتها هذا الإكتشاف الذي لم يسبقة أحد من أهل العلم إليه ، إلا أن تدخلاً قد حصل في اللحظة الأخيرة ، فصُرِف النظر عن طرحه في وسيلة إعلامية ، حتى يُحقق تحقيقاً علميّاً موثقاً .
و أكاد أجزم أن هذا الذي كاد ينقل ميدان السباق المشار إليه من هضب القليب في عالية نجد إلى قاع السباق في الشمال الشرقي من "خيبر" لو كان يملك ولو قدراًً متواضعاً من القراءة في المراجع التاريخية والجغرافية عن الموضع الذي جرى فيه السباق بين داحس و الغبراء لأدرك أنه قد جرى في هضب القليب في عالية نجد ، و أيضا لعلم يقيناً أن هذا القاع الذي مسافة أدناه عن أقصاه اقل من كيلين أثنين هو – قطعا – غير ميدان السباق بين داحس و الغبراء الذي كان من أوّل شروطة أن تكون مسافته مائة غَلْوَة :أي:أثنى عشر ميلا تقريبا ، ناهيك عن كونه في عالية نجد ، بعيداً عن هذا المكان من حرّة النار قديماً .
فلولا أن من سمات البحث العلمي أن يكون مساحة مفتوحة للحوار والمناقشة بين من لدية قدرة على تصحيح الخطأ – إن وجد – وجلّ من لا يخطيء ، أو يضيف إليه شيئاً جديداً من العلم و المعرفة يزيده ثراء – لولا ذلك لصفحت عن الإشارة لهذه المفارقة المثيرة للدهشة ، فلنعُد لمتابعة ما بدأنا البحث فيه عن هضب القليب .


تباين أقوال المتأخرين من العلماء في تحديدهم لهضب القليب
والحاصل أن لا إختلاف بين علماء البلدان قديما و حديثاً في أن السباق بين داحس و الغبراء قد جرى في هضب القليب من أرض الشّرَبّة في عالية نجد ، إلا أن إكتفاء المتقدمين في ذكر الجهه التي يقع في نطاقها ذلك الموضع من دون تحديد مكانه من الجهه ، مع تغيّر اسمه القديم قد ساهم كلا الأمرين معا في تباين أقوال المتأخرين من علماء البلدان في تحديد موقعه من عالية نجد ، فمنهم من أستدلّ ببيت ابن مقبل :
سَلِ الدَّارَ من جنبي حبرٍ فواهب
إلى ما رأى هَضْب القليب المضّيحُ
فذهب على ضوئه إلى أن "هضبة طخفة الجرير" هي "هضب القليب قديما" ، و منهم : من أخذ – على ما يبدو – بما ذكره ابن الأثير في تاريخه "الكامل" من أن السباق انطلق من "أُبْلَى" إلى ذات الإصاد في وسط هضب القليب ، و بتطابق أوصافه على هضب الدياحين الذي لا يبعد عما يليه من جبال "أبلى" أكثر من عشرين كيلاً يرى أنه هو هضب القليب بعينه.
جولة في هضب الدياحين
· ومن هنا أصبحت زيارة هضب الدياحين مما ليس منه بُدّ ، فكانت لنا جولة فيه يوم 2 /شعبان/1434هـ الموافق 11/6/2013م ، حتى اليوم الثالث منه ، فهذا الهضب يقع ما بين وادي الحُفَيْر شرقاً . ووادي العرج غرباً و حرّة كشب جنوباً غربياً ، وهضب الشرار(شرورى قديماً) شمالاً إلى الشرق من مدينة المهد (معدن بني سليم قديماً) (30)، بمسافة 29 كيلاً تقريباً،و قبل إمعان النظر في مطابقة أوصاف هضب القليب عليه، دعونا نستعرض بعض أقوال أهل العلم في تحديدهم أرض الشربة التي يقع هضب القليب بناحية منها ، ثم نلقي نظرة على هذا الهضب ، لنرى إن كان له من أوصاف ذلك الهضب القديم نصيب أكثر إنطباقاً عليه من غيره ، ثم خلاصة القول فيما تحقق عندنا من أمره .


الشَّـرَبـّة : أرضـاً وحدوداً
1- قال ياقوت ... قال الأصمعي : و الشربة : بين الرمة و بين الجريب ، و الجريب وادٍ يصب فالرمة ... و عن الفزاري قال : الشربة كل شيء بين خط الرمة و خط الجريب حتى يلتقيا ، و الخط في مجرى سيلهما ، فإذا إلتقيا إنقطعت الشربة ، و ينتهي أعلاها من القبلة إلى الحزيز حزيز محارب (31)...
2- و قال الحازمي : الشربة: فيما بين نخل و معدن بني سليم (32) .
وأقول : أي : ما بين وادي الحناكية ومهد الذهب .
3- قال الفيروز آبادي : الشربة: موضع قرب المدينة بين السليله و الربذة و قيل : إذا جاوزت "النقرة" و "ماوان" تريد مكة وقعت في الشربة (33)...
4- و قال الأصفهاني : ... قال العامري: حزيز محارب معروف . وقال : الشربة : فيما بين الزّبّاء و النّطوُف وفيما بين هرشا ، وهي هضبة دون المدينة ، و هي مرتفعة كادت تكون فيما بين هضب القليب إلى الربذة (34)
و قال الشيخ حمد الجاسر معلقا على قول العامري: و هذه العبارة في تعريف الشربة فيها إشكالات : منها ذكر هرشى ، و هي فيما بين مكة و المدينة بعيدة عن هذه المواضع التي يحددها . و منها مخالفة هذا التحديد لما قبله- يعني نص الفزاري- الذي هو أدق وأصح . ومنها ذكر الزباء و النطوف ، و هما من مياة بني كلاب ، و مياههم جنوب هذه المواضع(35)
و أقول : العامري هذا من أعلم من حدد المواضع الواقعة في عالية نجد ، و أطولهم باعاً في هذا الجانب ، فهضبة هرشا التي ذكرها كعلم من أعلام حدود الشربة في عالية نجد غير معروفة ، و هي على – ما يبدو – غير هرشا المشهورة بين المدينة ومكة بالقرب من الأبواء في تهامه . أما " الزَّبَّاء " و "النّطوف" فهما ماءان لبني سليم من وراء الدثينة (36) ، و ليسا من مياة بني كلاب التي تحمل الاسم نفسه في الجنوب ، و يرد ذكرهما مضافتين إلى "خرب"
فيقال خرب الزباء و النطوف و أحياناً خرب الأساس قال الشاعر :
اَهَاجَك بِالخَال الحُمُولُ الدَّوَافعُ
فأَنْتَ لمَهوَاها مِنَ الأرضِ نَازِعُ
جَرَى يوْم أخْرَابِ الأَساسِ بِهَجْرِها
لَنَا أعْضَبُ القَرْنَيْنِ باليَنِ صَادِعُ
رَعَيْنَ حِبِرّاً و الغَُرابَاتِ و اكْتَسَتْ
من النَّيِّ حتىّ ضَاقَ عنها البَرادعُ
فَهَلْ َزمَنٌ بِالخَالِ قد مرَّ و انْقَضَى
لَنَا أو زَمانٌ بالأسَاسَيْنِ رَاجِعُ ؟!
و في كتاب : "بلاد العرب :173" : الأساسان :هما قريتان صغيرتان ، بين الدثينة و مغرب الشمس ... و قال: الأخراب كثيرة . و علق الشيح حمد الجاسر على هذا التعريف فقال : وأرى أن (قريتان صغيرتان) : قرينان صغيران ، و أنه تصحيف قديم (37) ..
وأقول : إن ذكر الأساس أو "الأساسين" مقرونا بذكر "خرب" و مثل هذا يقال في "الزباء " و "النطوف" دليل واضح على أن خرباً هذا هو الذي حدّده الشيخ ابن جنيدل– يرحمه الله – و قال: خُرب :بخاء معجمة بعدها راء مهملة ساكنة و باء موحدة : عِدٌّ قديم ، يقع في جبل أسود يسمى بهذا الاسم ، يقع شمالاً من ماء اللَّسَاسَة ، و غالبا ما يذكر أحدهما مقرونا باالآخر ، فيقال : خرب و اللساسة ، يقعان غرباً من هضبة حسلة و الغرابه ، و شمالا من بلدة الدفينة و غرب الجرير، و ماء خرب يقع في ناحية الجبل الشرقية ...
و يبدو لي – و القول لأبن جنيدل– أنه هو الذي ذكر الأصفهاني باسم خرب الأساسي ، وأورد الأبيات المتقدم ذكرها ، و قال :- و القول لصاحب كتاب بلاد العرب - : علم يقال له خرب الزباء والنطوف ، الزباء و النطوف : ماءان لبني سليم من وراء الدثينة ... قلت: – والقول لأبن جنيدل– : و يتضح من أبيات الشاعر أن خرباً الذي أتحدث عنه هو خرب الأساس الوارد ذكره فالأبيات ، و أن الأساس هو المعروف في هذا العهد باسم اللساسة ؛ لأن المواضع الوارد ذكرها لا تزال معروفة باسمائها ، و كلها قريبة من خرب ، و كذلك تحديد الأصفهاني لها فإنه ينطبق على هذه المواضع (38).انتهى.


و أقول : ما سبق يُظهر بوضوح أن "خرب" في تحديد ابن جنيدل يقع في الشربة ، لوقوعه إلى الغرب من أعالي وادي الجرير، و أن "الزباء" و "النطوف" في ديار بني سليم قديماً هما اللذان ورد ذكرهما مضافتين إلى خرب ، و الإضافة قرينة داله على قرب المسافة بين هذه المواضع ، و عليه فـ "الزباء" و "النطوف" من معالم حدود أرض الشربة الجنوبية ، وهي الجهة التي لم أرَ – حسب إطلاعي – من علماء البلدان قديما و حديثاً من حددها من هذه الجهة ماعدا الشايع الذي يرى – بحق – أنها تقترب من حرة "كشب" إلى أعالي وادي الجرير (الجريب قديما) .
و بالإجمال : فالشربة بلاد واسعة متباعدة الأنحاء في العالية من نجد ، تمتد شرقا من أعالي مجرى وادي الجرير حتى يلتقي بوادي الرمة ، و شمالاً إلى " النقرة " و ما والاها ، وغرباً إلى نخل (وادي الحناكية حالياً) بإمتداد المواضع الشرقية لحرة بني سليم (حرة رهاط) ، وجنوباً شمال حرة كشب إلى أعالي وادي الجرير .
وإلقاء نظرة على منازل القبائل العربية في الجاهلية توضح أن جلّ هذه البلاد كانت خاضعة لنفوذ قبائل غطفان (بنو فزارة ، بنو ثعلبة ، بنو مرة) ، و يساكنهم فيها إخوتهم في النسب بنو عبس قبل أحداث حرب داحس و الغبراء ، و تختلط معهم فالوسط منازل بني محارب ابن خصفة و في الجنوب قبيلة بني عامر بن صعصعة ، و يصاليهم في هذه الناحية من جهة الغرب بنو سليم ، هذا قبل الأسلام . أما بعد حروب الرده فقد غاب ظاهر وجود أغلب هذه القبائل من هذه المنطقة و لا سيما قبائل بني ذبيان و عبس من غطفان فظهر في منازلهم بالشربة قبائل أخرى معاصرة .



(24) نفس المصدر :215

(25) المناسك : 598

(26) صحيح الأخبار : 1/48

(27) المصدر نفسة : 1/48 هامش (2)

(28) نظرات في معاجم البلدان : 18 – 19

(29) المصدر نفسه

(30) الجوهرتين : 362 - 372

(31) معجم البلدان : 3/333

(32) الأماكن : 1/577

(33) المغانم المطابه : 200

(34) بلاد العرب :80

(35) نفس المصدر :هامش( 4)

(36) نفس المصدر :172

(37) بلاد العرب : 173 هامش (1)

(38) معجم عالية نجد : 2/449-450







التوقيع :

رد مع اقتباس
 
قديم 12-09-2013, 08:05 PM   رقم المشاركة : 3
كاتب وباحث تاريخي بالانساب العربيه




الحالة
عطا الله ابن حنيه المظيبري غير متواجد حالياً

عطا الله ابن حنيه المظيبري is on a distinguished road


 

افتراضي رد: هضب الدياحين يُنازع طخفة الجرير في هضب القليب


عودة الى هضب الدياحين

وأنت تسيرمشرقاً من مدينة المهد ،مع الطريق المزفـّت الذي يربطها بمدينة عفيف ، وتحديداً بعد تجاوزك وادي العرج يتراءى أمامك من مطلع الشمس رؤوس هضب الدياحين شامخة في السماء ، وهو هضب أحمرفاتح لونُه، مكوناً من هضاب كثيرة متجاورة حول بعضها ، مع تفاوت فيمابينها في الحجـم ، إذ كل جانب منه، يمتـدّ اليه طرفك ترى هضبة صغيرة منفردة ذات رأس مسـتدقٍ عالٍ كالصومعة، في جوار هضبة مستطيلة ملساء بحجـم أكبر، مبـدئاً للمشاهد له من الغرب في كل ذلك منظراًجذاباً بديع الجمال ، انظر الصــورة رقم(3،4).












التوقيع :

رد مع اقتباس
 
قديم 12-09-2013, 08:12 PM   رقم المشاركة : 4
كاتب وباحث تاريخي بالانساب العربيه




الحالة
عطا الله ابن حنيه المظيبري غير متواجد حالياً

عطا الله ابن حنيه المظيبري is on a distinguished road


 

افتراضي رد: هضب الدياحين يُنازع طخفة الجرير في هضب القليب




منظر من الدارة و يرى في أخرها الجانب الجنوبي من هضب القتاد







هذه الدارة في تكوينها الطبيعي جعلت هذا الهضب قسمين: قسماً غربياً يُسمّى "هضب الشقب" وآخر شرقياً يُسمّى"هضب القـتاد" ، وكلاالقسمين يلتحمان مع بعضهما في الجنوب ، في أرض رمليّة تتخلّـلُها جبيلات غير مرتفعة، بينها ثنايا تعبر معها العربات ذات الدفع الرباعي ، حتى الركن الجنوبي "الـد مخا" من هضب الشقب ، فهناك ثنـيّة تلا مس جانباً من الجبل ، تطل على قطعة من الآرض في غائط بين الجبال ، فيهاعدد من الآ بــار الحديثة ، وآثـار بئر مد فونة تعرف عند قدماء أهل العصر باسم "أبو رُكُب" ، وبقربها نتوءات بارزه من التربة ، يحتمل أن تكون آثـاراً لآبـار مطمورة تحت الأرض أقدم عمراً منها، وفي الشمال الغربي منها، على بعد مئة متر تقريبا هناك صفاة في مكان واطئ من الجبل ، يبجدها في الوسط لِصْبٌ مستطيل بطول الصفاة ، عرضـــه يقل قليلاً عن المترين ، وعمقه مترين تقريباً ، يحتفظ بماء المطر لبضعة شهور، ويقال أن الرياح قد دفنت أكثر من عمقه هذا بالرمل؛ لإستغناء الناس عنه، بجلب الماء بالسيارات. انظر الصورة رقم (7،8)





منظر الشقب و يرى الشيخ ناصر بن عياد واقفاً في عمقه و هو يقيس عرضه





منظر آثار بئر "أبو ركب" و يرى مرافق الرحلة عبد الله بن مريشد واقفا فوق مكان البئر بعد أن أصبحت أثراً بعد عين .

هذا اللصب أو الشقّ يعرف بـ"الشقب" وإليه يضاف القسم الغربي من هذا الهضب ، فيقال له"هضب الشقب" وعند مصبّه في الأرض يوجد على جانبه الشرقي صخرة منبسطة على الأرض ، في وسطها فوهة حُفَيْرة مملؤة بالرمل،وهذه كان الأسـتاذ: عبد الله الشايع قد نبـثها – بناء على ما حصل عليه من معلومات عنهاــ، إثـناء قيامه برحلة إلى هذا الهضب ، فتكشفت له عن "نقيرة" خلقها اللّه بالصخرة ؛ عمقها– كما يقول– متر و نصف في متر، ثم بعد حين أُعيـد فيها مانبـث منها من قبل أهل المكان فهذه "الحُفيرة" و"الشقب" و"أبوركب" كلّها مواضع متجاورة عند بعضها ، في مساحة ضيقة من الأرض ، تكاد الجبال تنطبق عليها من كل صوب ، ومنها ينحدر شِعب كثير الأشجار ، يفيض سيله نحو الغرب ، وعند خروجه من الجبال يتسع في د ماث من الأرض ،جميــل المنظر، يعرف باسم وادي الطليحي (الطلاحي)، وتحسن الإشارة الى أن الأستاذ الشايع: في بحثه القيّـم عن هذا الهضب يرى أن هذا الوادي هوشعب الحيس الذي وضع حمل بن بدر فيه حيساً ، لإطعام الجمهور الذين حضروا لمشاهدة السباق ، فحمل منذ ذلك الحين اسم شعب الحيس إلى أن جُهِلَ أمرُه ، وأن آثـار بئر" أبورُكُب" هي " القليب" التي كان يضاف لها الهضب ، فيقال" هضب القليب" وأن " النقيرة" المجاورة لها في الصخرة هي الأخرى ليست إلا " الردهـه"
التي ملئـت بالدلاء، ليكون أوّل من يكرع فيها من الخيل المتسابقه هو السابق ، مع ميله إلى الأخذ برواية الأصمعي بأن ذات الإصاد من أسماء القليب، بخلاف من يقول أنه للردهـه.



منظر شعب الحيس قديماً (الطليحي حالياً) عند خروجه من الجبال

ومن هنا أرى أن نلقي نظرة على مدلول المعنى لهذا الاسم " الإصاد"، لمعرفة إن كان موضع" أبوركب" الذي سبق وصفه يحمل من صفة ذلك الاسم و معناه مايعزز القول في أن موضع" أبوركب" هو ما كان يعرف قديماً بـ" ذات الإصاد" ، بصرف النظر عن إن كان اسماً للقليب أم للردهـه.


لفظة" الإصاد" ومعناها في لسـان العرب

...ابن سيده: الأصْدَة والأصيدة والمؤصّد صدارٌ تلبسه الجاريه فإذا أدركت ؛ درّعت ، وأنشد ابن الأعرابي لكثير:


وقد درّعوها ذات مؤصّدٍ فجُوبٍ ولما تلبس الدرعَ رِيدُهـا

وقيل: الأصدَة ثوبٌ لاكمى له تلبسه العروس والجارية الصغيرة . والأصيدة كالحظيرة يعمل : لغة في الوصيد . وأصَدَ الباب : أطبقه كأوصده إذا أغلقه ؛ ومنه قرأ أبوعمرو : إنّها عليهم مؤصده ،بالهمز، أى مطبقه 0 وأصَدَ القدر: أطبقها والاسم منها الإصاد والأصاد ، وجمعه أُصُد0 أبوعبيدة: آصدت وأوصدت إذا أطبقت ؛ الليث: الإصاد واالإصدة هما بمنزلة المطبق؛يقال: أطبق عليهم الإصاد.والأصيد:الفناء،ولوصيد أكثر، وذا الإصاد: موضع،


قال:


لُطمِنَ على ذات الإصاد وجمعكم يرون الأذى من ذلّةٍ وهوان

وكان مجرى داحس والغبراء من ذات الإصاد ، وهوموضع ، وكانت الغاية مائة غَلْوَة0 والإصاد: ردهـه بين أجبلٍ0 انتهى.
ومن هذا نفهم أن" الإصاد " بمعنى الإطباق أى: المغلق ، وكون موضع ذات الإصاد محصوراً بين أجبلٍ ، فهـو شبه مغلق ، وهذا واقع الحال لموضع آثـار بئر" أبوركب" و"الردهه" المجاورة لها، وبناءً عليه ، فهذا المكان هـو ما يعرف قديماً بـ"ذات الإصاد" .



تصورات في مـسار السباق

أورد ابن الأثير في كتابه:"الكامل: 1/346 " أن السباق انطلق من" أبلى" إلى ذات الإصاد ، وأبلى هذه سلسلة جبال سبق وصفها ، منها جبل الموقعة ، وهو الطرف الشرقي من هذه السلسلة ، يشاهد من هضب الدياحين الـى الغرب منه ، بمسافة عشرين كيلاً تقريباً ، ولأنه الموالي لهذا الهضب والمسافة بينهما بحدود مسافة المئة غلوة ، لايستبعد الأستاذ: عبد الله الشايع صحة ما جاء فيما ذكره ابن الأثير ، وفي تصوره أن الخيل انطلقت من أطراف جبل الموقعة الى ذات الإصاد " أبوركب حالياً" آتية اليه عبر شعب الحيس الآنف ذكره أى من جهة الغرب .
مع زيادة الفضل لشيخنا الشايع فيما بسطه لنا من تفاصيل كثيرة ودقبقة عن هذا الهضب ، إلا أن إجراء الخيل مع هذا المسار تعترضه- في نظرنا- معوقات قد لاتجعل منه ميداناً سمحاً لها ، منها: وادي "العرج" الكبير، ووادي" الخار"معاً، ومنها : حبل – بالحاء المهمله والباء الموحده – مستطيل بين الواديين من نوع الحرّة ، ومنها: قِرانٌ كثيرة ، يربط بعضها ببعض حزوم تقلل من سرعة الخيل المتسابقه في هذا الاتجاه .
هذه المعوقات دفعتني – قبل أن أعطي تصوري في هذا الصدد– أن أسـأل رجلاً التقيت به من سكان الهضب عن أفضل طريقاً لسباق الخيل من جبل الموقعة إلى"أبوركب"،
فقال متعجباً: الخيل تجري مع الجبال أم مع السهول ! وبإلحاح مني قال: خير من يجيبك عن هذا الموضوع محمد بن غريبان الديحاني ، فهو رجل تجاوز عمره المئة عام ، وعلى معرفة تامة في طبيعة الأرض ، فسألته: أين هو؟ فقال: في منزله في مفيض الدارة .
وقد وجدتها فرصة سانحة لمقابلة هذا الرجل، إلا أن ساعة وصولنا لمنزله ، لم يكن موجوداً فيه ، كان ذاهباً – حسبما قيل لنا- لزيارة أحد الأقارب ، وفي طريقنا راجعين عرضت أمامنا سيارة من نوع التي يستخدمها صاحب المنزل – سبق وصفها لنا– ، فاستوقفت سائقها ، فإذا به شاب صغير، وبجانبه رجل نحيل الجسم وكبير السنّ ، يظهر من ملامح وجهه أنه قد فقد بصره ، أوكاد.
ولحسن الطالع اتّضح أننا مع محمد بن غريبان الد يحاني ، وجهًا لوجه ، وكان لطيفاً ومرحاً ، وبعد أن اعتذرنا من العودة معه لمنزله ؛ لأننا كنا في عجالة من أمـرنا ، دار الحديث بيننا حول الطريق الذي يمكن أن يتصوره لسباق خيل تنطلق من أطراف جبل الموقعة الى بئر أبي ركب ، وايضاً عن هذه البئر والهضب معاً ، وكان – على كبر سنّه – يتمتع بذاكرة قوية، إلا أنه مع هذا لم يعطنا تصوراً لمسار مثل هذا السباق ، أمّا عن البئر فيقول: إنّها كانت مورداً قديماً ، أقدم من مجئ الدياحين واستقرارهـم ، في هذا الهضب وحوله من عالية نجد ، ثم أنشدني لشاعر غنّامي من عتيبة ، لم يسمه ، ذكرهذا الهضب فقال:


كَشِبْ لاًتطأه تَرَى الحَثَرَّبَهْ عَطْهْ رقاقاً متضالع ركابهْ(38)



والهضبْ لاتطأه ترى الخطَرَّبهْ تراه مدهل العداء والحِرابهْ(39)

وفي تصوري أن السباق انطلق من مكان ما من الجهة الشمالية الشرقية لجبل الموقعة عبر مفيض الدارة ، فالدارة ، ملتفاَ على ذات الإصاد :"أبوركب حالياً" من جهة الشرق ، مع إحدى ثنايا الدارة ذات الأرض الرمليّة التي تقدم وصفها ، فليس في ضواحي هذا الهضب من جهة "أبْلى" أرض أبعد إنبساطاً ولا ألين موطئاً من هذا المسار.انظر الصورة رقم(10).



(38) الحثر : كل أرض حجارتها كحجارة الحرّة يقال لها حثرة أي : وعرة المسالك .

(39) الخطرّبة :بتشديد الراء : أي المكان الذي من يسلكة من غير أهله يجازف بحياته .






هضب الدياحين أحق من غيره في هضب القليب

و الآن دعونا نقارن بين ما جاء في وصف و تحديد المتقدمين لهضب القليب و حال الواقع لهضب الدياحين ؛ لنرى مدى التطابق بينهما من عدمه و نحكم :



هضب القليب






هضب الدياحين




1- يقع بأرض الشربة من عالية نجد .
1- يقع بالجهة الغربية الجنوبية من الشربة.
2- علم أحمر فيه شعاب كثيرة .
2- علم أحمر فيه شعاب كثيرة .
3- جبال صغار .
3- القسم الغربي منه ووهو الأهم جبال صغار.
4- قسمان : أحدهما لبني سليم و الآخر لبني عامر .
4- قسمان : غربي يقال له هضب الشقب – و هو الذي في رأينا – كان لبني سليم ، و شرقي يقال له هضب القتاد و هو الذي في رأينا – كان لبني عامر–
5- القليب المضاف لها الهضب في وسطه وهي في حقوق بني سليم .
5- آثار بئر "أبو ركب" في وسط القسم الغربي وهو الذي في حقوق بني سليم .
6- ذات الإصاد بين أجبل .
6- آثار أبي ركب و بجوارها الردهة بين أجبل .
7- شعب الحيس في وسط الهضب .
7- أوصاف شعب الحيس تنطبق على وادي الطليحي (الطلاحي).
8- في الطريق إلى ذات الإصاد ثنيّة غير بعيدة عنها.
8- هناك أكثر من ثنية في الشرق و الغرب من "أبو ركب".
9- فيه دارة و يوصف بكثرة الدارات .
9- فيه دارة عملاقة وعدد من الدارات الصغيرة .
10- معدن الضبيب عن يساره .
10- عن شماله آثار تعدين تعرف باسم أم الدمار ، يحتمل أنها معدن الضبيب قديماً.


و يبقى "المضيّح" في بيت ابن مقبل :

سَلِ الدَّارَ من جنبي حبرٍ فواهب
إلى ما رأى هَضْب القليب المضّيحُ

موضع إشكال – إن صح أنه مضيح الجرير – لبعده عن هضب الدياحين ، و لكن مثل هذا الإشكال قد يزول ، إذا علمنا أن علماء المنازل قد ذكروا – بالإضافة إلى جبل المضيح هذا – موضعين كل منهما يسمى المضيح ، أحدهما : في بلاد بني محارب بن خصفة – قال ياقوت في رسم المضيح : ... ماء لمحارب بن خصفة من أرض اليمن (40). و عبارة "من أرض اليمن" في هذا النص دليل على أن مضيح بني محارب يقع في حدودهم الجنوبية،وهي هنا قريبة من هضب الدياحين .
و الآخر: ... ماء لبني البكّاء(41) ، و منازل أولئك كانت "بفلجة"(42) و ضواحيها شرقا من الدفينة ، وهي الآخرى ليست ببعيدة عن هذا الهضب ، و هذان الموضعان غير معروفين الآن ، و عليه أرى أن المضيح في هذا الشعر موضعاً كان أم معنًى هو غير المضيح على الضفة الغربية لوادي الجرير .
و مما سبق ذكره يتحقق عندي أن هضب الدياحين هو "هضب القليب قديماً" وهو المكان الذي جرى فيه السباق بين داحس والغبراء، و الله الهادي إلى سواء السبيل .



بحث و تحقيق
عطا الله ضيف الله الرشيدي
(ابن حنيـّة)



(40) معجم البلدان : 5/146

(41) معجم ما أستعجم : 2/1234

(42) المناسك : 598







التوقيع :

رد مع اقتباس
 
قديم 12-16-2013, 04:07 PM   رقم المشاركة : 5
باحث في علم القصص والقصيد





الحالة
محمد فالح العبسي غير متواجد حالياً

محمد فالح العبسي is on a distinguished road


 

افتراضي رد: هضب الدياحين يُنازع طخفة الجرير في هضب القليب

بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ العزيز الفاضل والمؤرخ القدير / عطاالله ضيف الله بن حنيه الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
أشكرك جزيل الشكر على مجهودك الكبير الذي بذلته في هذا البحث العميق والدقيق في تاريخا يصعب على الكثير من الباحثين فيه جمع مثل هذه المعلومات من ماتحتويه صفحاته المية بالمعلومات التي يحتاجها الكثير منهم , وان دل ذلك على شئي أنما يدل على الاصرار منك لنعرف من خلال بحثك عن الحقائق التاريخية التي يجهلها الكثير عن الماضي المؤثق من خلال هذه المعاجم التي تحتوي على الكثير من المعلومات عن ماضي أسلافنا وما يحكى عن تاريخهم 0
تحية حب وإجلال لشخصكم الكريم يابو ماجد وفقك الله تعالى على ماتقوم به من مجهود تشكر عليه في خدمة القبيلة 0
تحياتي للجميع








التوقيع :

رد مع اقتباس
 
قديم 03-16-2014, 10:49 AM   رقم المشاركة : 6
مراقب عام
 
الصورة الرمزية ابو (ريان)





الحالة
ابو (ريان) غير متواجد حالياً

ابو (ريان) is on a distinguished road


 

افتراضي رد: هضب الدياحين يُنازع طخفة الجرير في هضب القليب

شكراً للكاتب والباحث عطا الله ضيف الله بن حنيه المظيبري الرشيدي
على جمع المعلومات القيمة والمفيدة .







من مواضيع في المنتدى

التوقيع :

رد مع اقتباس
 
قديم 12-09-2015, 12:11 AM   رقم المشاركة : 7
عضو فضي
 
الصورة الرمزية ابو يزيد




الحالة
ابو يزيد غير متواجد حالياً

ابو يزيد is on a distinguished road


 

افتراضي رد: هضب الدياحين يُنازع طخفة الجرير في هضب القليب

بيض الله وجهك موضوع ممتع جدا لأهنت على الأبداع







من مواضيع في المنتدى

التوقيع :

رد مع اقتباس
 
قديم 03-24-2016, 08:37 PM   رقم المشاركة : 8
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ماجدالداموكي الرشيدي





الحالة
ماجدالداموكي الرشيدي غير متواجد حالياً

ماجدالداموكي الرشيدي is on a distinguished road


 

افتراضي رد: هضب الدياحين يُنازع طخفة الجرير في هضب القليب

بارك الله فيك







من مواضيع في المنتدى

التوقيع :
( اناقة لسانك ترجمة لـ اناقة افكارك )

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صور ومعلومات عن مراحل انتاج الحرير ابوعبيد منتدى ركن تغطية الحفلات 2 03-15-2012 02:07 AM


الساعة الآن 01:29 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi