قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
(نحن أمة أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العز بغيره أذلنا الله)
فلا يجوز للمسلمين أن يفتخروا بأهل الجاهلية وهم من قبل الإسلام والجاهلية مذمومة وأهلها مذمومون
– ولا يليق بالمسلمين أن يتركوا الاعتزاز بالإسلام والمسلمين ويذهبوا إلى الاعتزاز والافتخار بالجاهلية وأهلها لأن هذا إحياء للجاهلية التي أذهبها الله بالإسلام وأبدل المسلمين بخير منها –
وكل ما نسب إلى الجاهلية فهو مذموم مثل: حمية الجاهلية، وظن الجاهلية، وتبرج الجاهلية، وعزاء الجاهلية، ودعوى الجاهلية، وحكم الجاهلية
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه"
وقال صلى الله عليه وسلم:
"لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا وإنما هم فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان، إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي، الناس من آدم وآدم خلق من تراب"
رواه الترمذي وحسنه وأحمد وأبو داود من حديث أبي هريرة
وكل ما هو منسوب إلى الجاهلية فهو مذموم لا يفتخر به؛ لأنه إحياء لأمور الجاهلية وتناسي لنعمة الإسلام وما فيه من العز والكرامة:
(وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون: 8]
وقال تعالى:
(وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران: 139]
وقال تعالى:
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً ) [المائدة: 3]
فما كان من عز وخير فهو في ديننا، لأن الله أكمله وأتمه ورضيه لنا وما سواه فهو ذلة ومهانة خصوصاً ما يرجع إلى أمور الجاهلية وأهلها
فالله قد أذهب عنا عبيتها وفخرها والعبية هي: الفخر والنخوة والكبر وإضافة هذه الأمور الجاهلية ذم لها وتحذير منها وكل الأمور المضافة إلى الجاهلية فهي مذمومة وإحياء لفخر الجاهلية وتمجيد رجالاتها
والتشبه بهم تنكر للإسلام وجحود لفضله
وهذا كفران للنعمة ونسيان لأمجاد الإسلام ورجوع إلى الوراء.
وما عرف عن الجاهلية إلا التفرق والاختلاف والكفر والشرك وأكل الربا وأكل الميتات ووأد البنات والظلم
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"أبغض الناس إلى الله ثلاثة ملحد في الحرم ومبتغ في الإسلام سنة جاهلية ومطلب دم امرئ بغير حق ليريق دمه"
وقال صلى الله عليه وسلم:
"ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع"
وقال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه:
(تنقص عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية)
فالذي يريد أن يجتر أمور الجاهلية ويعظم شخصياتها ويحتفل بها ويقيم لها المناسبات يريد أن يرفع ما وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم ويحيي عاداتها وتقاليدها.
فلا يفتح هذا الباب الذي أغلقه الرسول صلى الله عليه وسلم.
فيجب الأخذ على يديه لئلا يفتح على الناس شرا، ولما أراد يهودي أن يذكر الأوس والخزرج بما كان بينهم في الجاهلية من حروب بعدما من الله عليهم بالإسلام والائتلاف أنزل الله تعالى قوله:
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) [آل عمران: 103] .
فالواجب أن:
نرفض أمور الجاهلية ولا نفتخر برجالاتها وشخصياتها
لأن ذلك من إحياء الجاهلية وموالاة الكفار
فتصبح كل قبيلة تريد أن تحيي ذكر من ينتسبون إليهم من أهل الجاهلية من قبيلتها أو أهل بلدها
فيعود إلينا التفاخر بالآباء ويحصل بيننا التفرق والاختلاف والانقسام
والله قد جعلنا إخواناً في الإسلام
لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى:
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات: 13]
ففخرنا وعزنا بديننا لا بأنسابنا ولا بآبائنا وقبائلنا ولا بأمجاد الجاهلية ومفاخرها – نسأل الله تعالى أن يبصرنا بدينه ويمسكنا به.
(رضينا بالله ربا والإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا) والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
مقال لفضيلة الشيخ الإمام: صالح بن فوزان الفوزان الدوسري
عضو هيئة كبار العلماء
26/5/1433 هـ